كشف استطلاع الباروميتر السياسي لشهر ماي الذي تعده مؤسسة سيغما كونساي بالتعاون مع جريدة المغرب أن نسبة التشاؤم لدى التونسيين استقرت في حدود 90 بالمائة، وخوفهم من المستقبل القريب ومن الانعكاسات السلبية للأزمة الاقتصادية والاجتماعية والصحية على الوضعين العام والخاص، فضلاً عن تراجع الرضا عن الطبقة السياسية، على رأسها رئيس البرلمان ورئيس حركة النهضة راشد الغنوشي حيث عبر 77 بالمائة عن عدم ثقتهم به، في المقابل، عبّر 41 بالمائة من المستجوبين عن ثقتهم في رئيس الجمهوريّة قيس سعيد.
الشعور بالعدميّة
ووفق الاستطلاع الذي أجرته مؤسسة “سيغما كونساي” الخاصة، لا يتعلق التشاؤم بالوضع العام للبلاد فحسب، بل ينسحب على الأحوال الشخصية والعائلية لعموم التونسيين.
والجديد وفق هذا التقييم، غياب التفاؤل الشخصي بالنسبة إلى العام المقبل، إذ يُعتقد أنها ستكون أسوأ، أي أن أفق التخلص من الوباء لا يعني بالنسبة إلى جزء كبير من التونسيين تحسناً مادياً في أسرهم.
ويزداد هذا التشاؤم قوة، إذ يعتبر ثلثا المستجوبين أن وضع الأجيال المقبلة سيكون أسوأ من الراهن، أي نحن أمام نظرة تشاؤمية لا يمكن تحديدها زمنياً.
في هذا الصدد، صرّح أستاذ علم الاجتماع “علي الهمامي” لـJDD tunisie أن “شعور الخوف يتملك التونسيين منذ سنوات، غير أنهم ظنّوا بعد الثورة أن الأوضاع ستتحسن، لكن الأعوام مرّت والأحوال تدهورت أكثر”.
وأوضح الهمامي أن “التونسيين تصوّروا أن القوى الديمقراطية ستلعب دوراً رئيساً في المشهد السياسي، كما ظنوا أن بلادهم ستخطو خطوات عملاقة نحو الحداثة، لكن كل هذا لم يحصل”.
دور الأزمة الشّاملة
أفضت الأزمة التي اتخذت أبعادا مختلفة اقتصادية وسياسية واجتماعية في تونس إلى مزيد تعكر المزاج العام وتعميق الفجوة بين الفاعلين السياسيين والشارع بحسب استطلاعات للرأي كشفت عن حفاظ رئيس البرلمان الذي يرأس حركة النهضة الإسلامية التي تقود الائتلاف الحاكم على تصدره لقائمة أسوأ شخصية سياسية في البلاد.
وفي هذا الصدد صرحت الأخصائية النفسية ريم عبد الناظر لـ “JDD tunisie ” بخصوص أهم الأسباب التي تفضي إلى هذه النسب من التشاؤم المفرط لدى التونسيين، إذ أوضحت أن التشاؤم هو سلوك عقلي، مُبطن في الوعي الإنساني نتيجة سلبيات الحياة اليومية بما تحويه من روتين وملل وتراكم للشوائب الاقتصادية والاجتماعية والسياسية.
وأضافت، أن من عادة الإنسان أن يهمل الجانب الإيجابي في حياته ويركّز فقط على كل ماهو سلبي ليتكون بالتالي لديه إحساس الخوف والقلق من المجهول.
وأوضحت أن لجائحة كورونا تداعيات كثيرة على نفسية المواطنين، إذ أضحى الحجر الصحي عائقا أمامهم للخروج والاستمرار العادي، وهو ما من شأنه أن يولّد لديهم غياب الاستقرار النفسي وخلق نوع من الاكتئاب ترتّب عنه ارتفاع حالات الانتحار في الآونة الأخيرة.
وقالت ريم عبد الناظر إن المشهد اليوم كذلك يبدوا مُلبّدا بغيوم التشاؤم،إذ أن تفاقم الأزمات الاقتصادية والاجتماعية في البلاد وغياب آفاق للخروج منها، زاد من مؤشرات التذمر واليأس في أوساط التونسيين، وخصوصا الشباب، وتظهر تجلياته في احتجاجات متواصلة في عدد من مناطق البلاد، كما يؤدي انسداد الآفاق بالنسبة للشباب إلى ظهور بؤر تطرف وارتفاع نسبة الهجرة غير الشرعية نحو أوروبا وهجرة الكفاءات إلى قارات مختلفة من العالم.