حصل موقع «ميدل إيست أي» البريطاني، على وثيقة مسربة من مكتب مديرة الديوان الرئاسي نادية عكاشة، يعود تاريخها إلى 13 ماي 2021، تتحدث عن اعتقال سياسيين كبار، وتدبير انقلاب في تونس وتفشي الوثيقة المسربة عما تسميه «ديكتاتورية دستورية».
وجاء في التقرير أن كبار مستشاري رئيس الجمهورية حثوا قيس سعيد على السيطرة على البلاد من الحكومة المنتخبة في الوقت الذي تكافح فيه جائحة كورونا وارتفاع مستويات الديون المتزايدة.
وتتمثل الخطة في جذب خصوم سعيد السياسيين إلى القصر الرئاسي وإعلان الانقلاب في حضورهم مع عدم السماح لهم بالمغادرة وسوف يتم اعتقال كبار السياسيين ورجال الأعمال الآخرين في نفس الوقت.
وترد الخطة في وثيقة تم تمريرها إلى موقع “ميدل إيست آي”، وصفت بأنها “سرية للغاية” ومؤرخة في 13 ماي 2021.
وهي موجة إلى نادية عكاشة رئيسة مكتب سعيد ويوضح كيف سيسن الرئيس فصلاً من الدستور يمنحه السيطرة الكاملة على الدولة في حالة الطوارئ الوطنية.
وبموجب الخطة، المسربة من المكتب الخاص لعكاشة، تدعو الرئيس إلى عقد اجتماع عاجل لمجلس الأمن القومي في قصره بقرطاج، تحت ستار الوباء والوضع الأمني وحالة المالية العامة في البلاد.
ثم يعلن سعيد بعد ذلك «دكتاتورية دستورية” يقول واضعو الوثيقة إنها أداة “لتركيز جميع السلطات في يد رئيس الجمهورية”.
وجاء في الوثيقة، التي وصفت الموقف بأنه “حالة طوارئ وطنية”: ما يلي “في مثل هذه الحالة يكون دور رئيس الجمهورية هو الجمع بين كل السلطات في قبضته حتى يصبح مركز السلطة التي تمكنه من التمسك على وجه الحصر… جميع السلطات التي تقويه “.
بعد ذلك يقوم سعيد بنصب كمين لهؤلاء الحاضرين ــ الذي سيشمل رئيس الحكومة هشام المشيشي وراشد الغنوشي رئيس مجلس النواب وزعيم حزب النهضة ــ بإعلانه أنه سيسن الفصل 80 من الدستور الذي يسمح للرئيس بالاستيلاء على السلطات في حالة طوارئ وطنية.
وتنص الوثيقة على أنه لن يسمح للمشيشي والغنوشي بمغادرة القصر، وأن القصر سيُفصل عن الإنترنت وجميع الخطوط الخارجية.
عند هذه النقطة، الرئيس سوف يلقي خطابا تلفزيونيا إلى الأمة في حضور المشيشي والغنوشي للإعلان عن انقلابه.
اعتقالات جبرية
ثم تنص الوثيقة على تعيين اللواء خالد اليحياوي وزيرا للداخلية بالنيابة وأنه سيتم نشر القوات المسلحة على مداخل المدن والمؤسسات والمرافق الحيوية.
في نفس الوقت سيتم وضع الأشخاص الرئيسيين تحت الإقامة الجبرية، منهم من حركة النهضة .. نور الدين البحيري ورفيق عبد السلام وكريم الهاروني وسيد الفرجاني، ومن نواب كتلة الكرامة، غازي القرعاوي، سفيان توبال، ورجال أعمال مستشارون في محكمة رئيس الوزراء إلخ “.
ولجعل الانقلاب شعبيا، تقول الوثيقة إن جميع مدفوعات الفواتير أو الكهرباء والمياه والهاتف والإنترنت والقروض المصرفية والضرائب سيتم تعليقها لمدة 30 يوما، وسيتم تخفيض أسعار السلع الأساسية والوقود بنسبة 20 %.
وردا على سؤال عما إذا كانوا يعتقدون أن سعيد خطط لانقلاب، قال عضو في حكومة الرئيس لموقع «ميدل إيست أي»: «لا أعتقد ذلك إنها مجرد شائعة على فيسبوك في تونس يمكنك سماع أي شيء».
وتنص الوثيقة على أنه بمجرد أن يثير الرئيس مفاجأته على رئيس وزرائه ورئيس البرلمان، فإنهم سيبقون في طي النسيان، وجاء في الوثيقة أن “الجلسة ستنتهي بعد ذلك دون السماح للحاضرين بمغادرة قصر قرطاج، مع إبقاء منطقة القصر الرئاسي، قبل وبعد ذلك، منفصلة مؤقتا عن شبكات الاتصال والإنترنت”.
تحييد رئيس الحكومة
وتتضمن الخطة مقترحات لمنع أي برلماني مطلوب للمحاكم التونسية من مغادرة البلاد، وإعفاء جميع المنتمين إلى حزب سياسي من مناصبهم في البلاد.
وسيجري الرئيس «تعديلا وزاريا شاملا مع الاحتفاظ برئيس الحكومة فقط دون غيره»، وسيتم نصحه من قبل مجموعة من لجان الطوارئ.
ولدى سؤاله عن سبب رغبة سعيد الإبقاء على رئيس الحكومة أثناء استبدال جميع وزرائه، قال مصدر سياسي تونسي كبير له علاقات وثيقة بالرئاسة، إن هذه ستكون وسيلة لتحييده دون الاضطرار إلى إقالته على الفور، وهو إجراء معقد، إذ ينطوي على تصويت لازم من البرلمان.
وقال المصدر، الذي طلب عدم الكشف عن هويته، إن المشيشي سيبقى مؤقتا كرئيس للوزراء لتجنب الاضطرار إلى اتخاذ كل هذه الخطوات.
وقال المصدر المقرب من مستشاري سعيد، إن الخطة نوقشت من قبل دوائر مقربة من الرئيس منذ أبريل 2021، لكن لم يتم تسليمها له بشكل مباشر.
الأساس لـ «الانقلاب الناعم»
وسبق أن اتهم سعيد، الذي تولى السلطة في عام 2019، بإرساء الأساس لـ«انقلاب ناعم» داخل تونس.
وفي وقت سابق من هذا العام، وصف دوره الرئاسي بأنه «القائد الأعلى للقوات المسلحة العسكرية والمدنية» خلال كلمة حضرها كل من المشيشي والغنوشي.
وقال: «لا يوجد تمييز القانون ونصوص العالم وقانون العقود والالتزامات كلها تذكر ذلك القوات المسلحة هي الجيش وقوى الأمن أيضا».
وأثار ذكره الخاص لسلطة الرئيس على قوى الأمن الداخلي أجراس الإنذار داخل المؤسسة السياسية التونسية.
في الشهر الماضي، أوقف سعيد أيضا الجهود البرلمانية لإنشاء محكمة دستورية، وهي عنصر أساسي في الثورة التونسية، وأساس لتعزيز الديمقراطية التونسية وكانت المحكمة ستصبح الأولى من نوعها في العالم العربي.
وفي جانفي الفارط، رفض سعيد أيضا أداء اليمين لوزراء اختارهم المشيشي في تعديل وزاري، قائلا إن الأفراد المعنيين لديهم تضارب في المصالح.
وقال المصدر السياسي: «الحل الوحيد هو الحوار، الرئيس قيس يرفض كل مبادرات الحوار.. مشروعه تعديل الدستور، وإلغاء الانتخابات التشريعية».