تفرض الأمم المتحدة على السلطات الليبية سحب “المرتزقة” وكافة القوات الأجنبية كشرط أساسي مقابل استقرار البلاد وأمن المنطقة ككل، في إجراء تؤيده الولايات المتحدة وبريطانيا.
المبعوث الأممي يان كوبيتش قال إنّ سحب المقاتلين الأجانب ونزع السلاح وما يتبعه من وقف لإطلاق النار إجراء من شأنه أن يرسو بليبيا إلى برّ الأمان وتجرى الانتخابات التشريعية والرئاسية في موعدها المقرر في الـ 24 من ديسمبر 2021.
من جانبها تذكّر وزيرة الخارجية الليبية نجلاء المنقوش دائما بضرورة الانطلاق في عملية سحب المرتزقة والقوات الأجنبية في إطار واضح وجداول زمنية واضحة، وأنها في تواصل دائم مع الدول المعنية من أجل تسليم المقاتلين الموقوفين لديها إلى بلدانهم الأصلية، ومن بينهم تونس.
تهديد متزايد
عبّر عدد كبير من الملاحظين التّونسيين عن تخوّفهم من عودة العناصر التي شاركت في الحرب الأهلية الليبية على امتداد 7 سنوات إلى تونس واعتبروا أنهم يمثلون تهديدا متزايدا للأمن في تونس خاصة وأنّ أغلب العمليات الإرهابية نفذها عائدون من بؤر التوتر.
تقارير أممية سابقة قدرت عدد التونسيين في مناطق النزاع بحوالي 5500 شخص من بينهم ما يتراوح بين 1000 و1500 تونسي يقاتلون في ليبيا، مع التنظيمات المتشددة.
صفقة منتظرة؟
على هامش زيارة رئيس الحكومة هشام المشيشي إلى ليبيا، تردّد في الكواليس أنّ صفقة منتظرة سيوقعها المشيشي مع نظيره الليبي يتم بمقتضاها تسليم المساجين التونسيين المتعلقة بهم أحكام على خلفية قضايا إرهابية.
بشير الجويني، الباحث في العلاقات الدولية والدبلوماسي التونسي السابق أكّد في تصريح لموقع JDD Tunisie أن تونس تقدّمت فعلا بطلب تسلّم موقوفين ثبت تورطهم بغض النظر عن جرائمهم وأنواعها.
وأضاف الجويني أنّه لا يمكن وصف الموقوفين بالمرتزقة بما أنهم لم يشاركوا مع طرفي النزاع في الحرب الليبية فهم عناصر متطرفة، قبضت عليهم الدولة الليبية واحتفظت بهم في سجونها.
وتابع “الدولة التونسية على تواصل مع نظيرتها الليبية قصد إنهاء عملية تسليمهم ورئاسة الجمهورية تواصلت بشكل مباشر مع الجهات الرسمية والمدنية الليبية وكافة المنظمات التي تشتغل على هذا الملف ونجم عنه تسليم عدد من الأطفال من عائلات المقاتلين التونسيين بليبيا.
اتفاقيات منذ الثمانينات
أفاد الجويني بأنّ الطلب التونسي بتسلم المقاتلين منظم باتفاقيات بين وزارتي العدل التونسية والليبية يعود بعضها إلى ثمانينات القرن الماضي وتنظم كل فصول المحاكمة سواء في تونس أو في ليبيا.
وأشار إلى أنّه لا يمكن اعتبارها صفقة بقدر ما هي تطبيق لاتفاقيات ملزمة تتعلق بتسليم المجرمين بغض النظر عن نوعية جرائمهم، قائلا “عودة المقاتلين إلى تونس هو مطلب أممي إضافة إلى أنه مطلب إنساني ووطني.
ضمانات كافية
أفاد المحلل الليبي عز الدين عقيل في تصريح لموقع JDD Tunisie بأن المقاتلين التونسيين الذين شاركوا في الصراع الليبي موقوفون لدى طرفي النزاع على حد سواء.
وأضاف أنّ نقل هؤلاء من السجون الليبية نحو السجون التونسية لا بد أن يُبنى على اتفاق رسمي ومحكم بين البلدين شرط توفّر كافة الضمانات مؤكّدا أنّ الجانب الليبي سيراعي بشكل كبير قدرة البنى اللوجيستية التونسية المتعلقة بمعتقلاتها وسجونها على استيعابهم.
كما أشار عقيل إلى أنّ ليبيا لا تريد توريط تونس في هؤلاء المعتقلين لما يمثلونه من خطر على الأمن بالمنطقة، قائلا “لو ترى ليبيا أن تونس غير قادرة على السيطرة عليهم، وهذا احتمال ضعيف، فإنها لن تسلمها إياهم، ففرارهم يعني بالضرورة عودتهم إلى الأراضي الليبية باعتبارها المكان الأنسب لهم في الوقت الحالي.
وديعة ليبية
قال المحلّل السياسي الليبي، إن تسليم المقاتلين ربما مرتبط بوديعة ليبية قد توضع بالبنوك التونسية وقد تساهم في تحريك عجلة الاقتصاد التونسي مضيفا أنّ جزءا من ريع هذه الوديعة يمكن أن يُنفق على تطوير منظومة السجون والمعتقلات وبالتالي بإمكان تونس أن تحتوي أشخاصا مثل هؤلاء بقدر من الحزم الأمني ما يضمن أنهم لن يجدوا طريقا للإفلات.
كما اقترح محدثنا إمكانية تشكيل لجنة مشتركة بين البلدين تقيّم مستوى السجون والظروف المختلفة التي تفرض تسليم هؤلاء المقاتلين، وما إذا تبين أن الظروف ملائمة فإن كل طرف سيؤدي دوره في الغرض.