تواجه عبير موسي زعيمة الحزب الدستوري الحر التونسي ثلاث شكايات يعود بعضها إلى فترة حكم الرئيس السابق”زين العابدين بن علي”.

وقد انطلقت الفرقة المركزية الثالثة لأبحاث الحرس الوطني بالعوينة بتكليف من وكيل الجمهورية بالمحكمة الابتدائية بتونس في إجراءات التتبع الجزائي، حيث تمّ الاستماع إلى رئيس مرصد الشفافية والحوكمة الرشيدة العربي الباجي، والمحامين الممثلين للجمعية التي رفعوا الشكايات ضدها.

موضوع الشكايات

وتعلقت الشكاية الأولى بأموال قبضتها عبير موسي من خزينة الدولة بمقتضى أمر رئاسي صادر عن الرئيس السابق زين العابدين بن علي في 26 جانفي 2010 وتم التنصيص أن هذا الأمر سري ولا ينشر في الرائد الرسمي وهو ما يعتبر مخالفا للقانون، خاصة أن عبير موسي لم يتم إحالتها على عدم المباشرة في المحاماة كما يقتضي القانون في هذه الحالة، وبقيت تنوب مؤسسات حكومية أمام القضاء وفي نفس الوقت تتقاضى أجرا مقابل عملها كمكلف بمأمورية لدى الوزير الأول، وهو ما شكل في حقها حسب المجلة الجزائية جرائم اختلاس من طرف شبه موظف عمومي والزور واستعمال مدلس واستعمال ما هو مضر بحقوق ومصالح الغير لختم راجع للسلط العمومية.

أما عن الشكاية الثانية التي تم إيداعها بقطب الإرهاب ضد عبير موسي وأعضاء كتلتها بمجلس نواب الشعب فهي تهم ارتكاب جرائم على معنى الفصل 14 مادة 7 من قانون الإرهاب لسنة 2015 من أجل الإضرار بالممتلكات العامة أو الخاصة، وذلك على خلفية اعتصام قامت به عبير موسي وأعضاء كتلتها بالبرلمان يوم 16 جويلية 2020 ومنعت الجلسة العامة من الانعقاد من أجل انتخاب أعضاء المحكمة الدستورية ورفعت شعارات تحرض على العنف والاحتقان بين أفراد الشعب بنعت جزء منه بالإرهاب ونعت كل من ثار على النظام السابق بالتخلف فضلا عن تعطيل سير دواليب مؤسسة دستورية وهو ما يشكل في حقهم جريمة التحريض على الكراهية أو التباغض بين الأجناس أو الأديان أو الدعوة إليهم.

أحمد نجيب الشابي يندد بتوظيف القضاء ضد عبير موسي

نشر يوم الأحد 2 ماي 2021 على صفحته الرسمية بالفيسبوك تدوينة، مستغربا لعدم حفظ النيابة العمومية لـ 3شكاوي ضد”عبير موسي” من طرف محامي العربي الباجي رئيس مركز الشفافية والحوكمة الرشيدة.

وقد ندّد نجيب الشابي بتوظيف القضاء في حل الخلافات السياسية وهي إرادة لدى بعض الجهات للعودة إلى أساليب الماضي حسب تعبيره.

وقد أقرّ أن التهمة الأولى كان يمكن أن تتعهدها”هيئة الحقيقة والكرامة” لتعلقها بجرائم تعود إلى العهد البائد، واعتبر أن انقضاء أجل العدالة الانتقالية بموجب أحكام الدستور والقانون الذين حددا مدتها بأربع سنوات قابلة للتمديد فقط مرة واحدة، لمدة سنة، موضحا أن هذه المدة قد انقضت ولخصت هيئة الحقيقة والكرامة كافة أعمالها ونشرتها بالرائد الرسمي، ولا يمكن التمسك بعد ذلك بالأحكام الاستثنائية للدستور.

واعتبر موضوع الشكاية الثانية المأخوذة من مخالفة الإرهاب، معتبرا أن قانون الإرهاب أصبح بمثابة حصان طروادة يمتطى لتوجيه التهم جزافا للخصوم السياسيين عندما تعوزهم الحاجة.

وأضاف في نقطة أخرى أن بخصوص تعطيل أعمال مجلس النواب فهي مرفوعة ممن ليست له صفة لانتفاء المصلحة المباشرة وكان بإمكان مجلس النواب إثارتها، إلا أنه فضل معالجتها بإجراءات داخلية.

وأشار نجيب الشابي أن كل هذه التهم تتسم بغياب الجدية، واعتبر أن هذا الصراع يجب أن يظل سلميا محتكما إلى القانون والمؤسسات ولا يجوز أن يكون مطية للانحراف بالسلطة أو النيل من حقوق الإنسان.

أما بخصوص الشكاية الثالثة فهي بخصوص تعطيل العمل والقذف العلني والصراخ في أماكن عمومية طبقا للفصل 125 وما يليه من المجلة الجزائية على خلفية تهجم عبير موسي وأعضاء كتلتها على مأموري الضابطة العدلية وأعوانهم باللفظ والإشارة، برغم تكليفهم من طرف وكيل الجمهورية لمعاينة تعطيلهم لسير عمل مجلس نواب الشعب يوم 16 جويلية 2020 ومنع جلسته العامة من الانعقاد.

وأكد محامو الجمعية أن الغرض من رفع هذه القضايا هو تأكيد الالتزام بقوانين الدولة، وحماية مسارها الديمقراطي والحد من التجاوزات الدستورية والتشريعية.

هل توقف الحصانة البرلمانية التتبع القضائي لعبير موسي؟

مع قيام الجمهورية الثانية في تونس، جاء دستور جانفي 2014، بفصلين ينظمان الحصانة البرلمانية وإجراءت التتبع الجزائي ضدّ النواب حيث ينص الأوّل على الإطار الذي يؤسس للحصانة البرلمانية أما الثاني فيتعلّق بإجراءات رفعها.

ينظّم الفصلان 68 و69 من الدستور، الإطار العام للحصانة البرلمانية وشروط رفعها إذ تشمل الحصانة البرلمانية بدورها نوعين، حصانة مطلقة ضدّ التتبع المدني أو الجزائي أو الإيقاف أو الاقتراحات التي يبديها النائب أو الأعمال التي يقوم بها في ارتباط بمهامه النيابية، أما الثانية، فهي نسبية، وتشمل الحصانة من التتبعات ضد الجرائم المرتكبة من طرف نائب الشعب أثناء المدة النيابية.

وهذا النوع من الحصانة يمكن رفعه في أربع حالات، إمّا بموجب تخلّي النائب طواعية عن الاعتصام بالحصانة، أو بموجب قرار من الجلسة العامة لمجلس نواب الشعب، أو في حالة التلبس، أمّا الحالة الرابعة فتكون بانتهاء المدة النيابية لعضو مجلس نواب الشعب.

وأشار “عماد الخميري”، رئيس كتلة حركة النهضة بالبرلمان، أن كل هذه الانتهاكات المرتكبة من طرف عبير موسي، في حق البرلمان وإدارته وموظفيه موثقة بالصور ومثبتة بالفيديوهات، وهي مادة يمكن للنيابة العمومية بمقتضاها فتح تحقيق قضائي تجسدت فيه النائبة في حالة تلبّس، وذلك بهدف وضع حد لهذا الجرم الذي يرتكب في حق مجلس نواب الشعب، مؤكدا أن الغاية من المطالبة بهذا التتبع القضائي، هي حماية البرلمان والمؤسسات الدستورية للبلاد من كل عبث.