في استهتار بالمعطيات الشخصية للتونسيين وإهدار للمال العام تصرّ مؤسسة اتصالات تونس على مواصلة التعاقد مع شركة خاصة في إطار ترويج خدمات الهاتف الجوال، رغم العديد من التجاوزات التي اقترفها أعوانها والتي قد تمس بالأمن القومي لتونس.
فقد حصل موقع JDD على تقرير للتفقد تم إنجازه من قبل تفقدية الاتصالات يوثّق هذا التقرير تجاوزات متعلقة بتدليس إمضاءات حرفاء اتصالات تونس والتلاعب بمعطياتهم الشخصية وإهدار أموال عمومية.
تدليس إمضاء حريفة دون علمها
الحكاية انطلقت بشكاية تقدمت بها الحريفة ع.ط إلى اتصالات تونس حيث أكدت انتباهها إلى تسجيل خط هاتفي باسمها ودون معرفتها.
وبتحري تفقدية الاتصالات في الملف، تبيّن ان إحدى نقاط البيع الخاصة بخطوط الهاتف قد سجّلت خطا باسم الحريفة واللافت ان نقطة البيع تعود لشركة على ذمة لاعب دولي سابق.
بعد مقارنة هذا الإمضاء مع إمضاء سابق للحريفة، تبيّن عدم مطابقة إمضائها مع ما هو مدون بالعقد.
تأسست الشركة الخاصة في 2012، من قبل لاعب الدولي سابق يستثمر في ميدان الإعلامية، وتختص هذه الشركة في بيع وترويج خدمات الهاتف الجوال.
وبعد سنة ونصف من تأسيس الشركة، يعمد أحد أعوانها بمدينة باجة إلى تدليس إمضاء الحريفة ي.ط لاستخراج خط مسجل باسمها ودون علمها.
خلال عملهم على سبر اغوار هذا الملف تنقل أعوان التفقد إلى باجة، حينها اكتشفوا تداول العديد من الأعوان على نقطة البيع العائدة بالنظر للشركة بينما تم اكتشاف تجاوزات أخرى.
تجاوزات عابرة للمدن
أفرزت عملية تدقيق لأرقام بطاقات تعريف وطنية متوفرة لدى نقطة البيع بباجة، الوقوف على عدة ملاحظات لافتة، إذ تأكد استغلال بطاقات تعريف بعض الحرفاء لتشغيل وترويج خطوط انطلاقا من رموز تشغيل تابعة لهذه الشركة في أكثر من مدينة في ذات الوقت.
في هذا السياق تم تشغيل خطوط ببطاقة تعريف واحدة في باجة وتونس وبنزرت ومنوبة بينما يفرض القانون الحضور الوجوبي لصاحب بطاقة التعريف عند اقتناء خط هاتفي.
وتبين أيضا نسخ بطاقات تعريف بعض الحرفاء دون علمهم ثم يتم استغلالها في تسجيل خطوط هاتفية أو إبرام عقود اشتراك في عروض تجارية لاتصالات تونس.
كما لوحظ تعمير بعض عقود البيع وختمها عوضا عن الحرفاء ثم يعمد الأعوان إلى أستعمال نفس نوعية الخط في تدوين البيانات الخاصة بالحريف.
وبالتثبت في عناوين الخطوط الهاتفية التي تم تسويقها من قبل نقطة بيع الشركة الخاصة بباجة، تأكد أن 6 بالمائة فقط منها تنتمي إلى هذه المدينة.
أما باقي العناوين فهي في نابل بـ 30 بالمائة وتونس الكبرى بـ 34 بالمائة، هذه المعطيات دفعت فريق التفقد إلى ترجيح استغلال بطاقات تعريف الحرفاء دون علمهم وانتحال صفتهم في إمضاء العقود.
إخلالات شتى لشركة غير متعاقدة
من جهة أخرى وثق أعوان التفقد استهتار الشركة الخاصة بأموال المؤسسة الوطنية، حيث لم تعمل على استخلاص الديون المتخلدة بالعديد من أصحاب الخطوط المفوترة ولم توقف التعامل مع الحرفاء قبل تضخّم الفواتير، ففي سنة فقط بلغت ديون الخطوط المفوترة أكثر من 25 ألف دينار دون أن يتم قطعها.
ورغم عمل الشركة لأكثر من سنة وتزودها بآلاف خطوط الهاتف وتمثيلها لاتصالات تونس وعملها تحت رايتها، تبين أن العقد الذي يربطها بالمؤسسة الوطنية للاتصالات ممضى من طرفها فقط وغير مسجل بمصالح القباضة المالية.
في هذا الإطار أشار فريق التفقد إلى عدم قانونية عمليات البيع والترويج التي قامت بها الشركة الخاصة، ما دامت لم تستكمل إجراءات التعاقد.
ورغم التجاوزات التي تم اقترافها من قبل هذه الشركة، فقد اكتفى فريق التفقّد بالنظر في إمكانية إلغاء التعاقد مع فرع الشركة الخاصة بباجة دون غيره من باقي الفروع، كما طالب بإحالة الملف على إدارة الشؤون القانونية لمطالبتها بالتعويض لاتصالات تونس، ويبدو أن الإدارة العامة حينها لم تولي هذا الملف الأهمية اللازمة، بل اكتفت برفع قضية جزائية دون إيقاف التعاقد مع الشركة.
وللحصول على مزيد التفاصيل حول هذا الملف، راسلنا الإدارة العامة لاتصالات تونس لاستفسارها عن مختلف الإجراءات الإدارية والقانونية التي اتخذتها ضد الضالعين في المس من صورة المؤسسة الوطنية وفي التلاعب بمعطيات الحرفاء، فخيرت عدم الإجابة رغم مرور أكثر من ست شهور.
كما اتصلنا باللاعب الدولي فكانت إجابته: ” عفوا لم يعد لي أي علاقة بهذه الشركة بما أني بعت حصتي فيها ولم أعد مديرا لها” وبتثبتنا في المنشورات القانونية للرائد الرسمي تبين أن إدارة الشركة قد انتقلت من ذمة اللاعب الدولي إلى شريك آخر ثم إلى زوجته في 2017 كما أنها لا تزال منضوية في مجمع للشركات على ذمة هذا اللاعب.