أصدرت المحكمة الابتدائية بزغوان أمس الخميس 29 أفريل الجاري، بيانا إعلاميا لفائدة الرأي العام تضمن توضيح المحكمة لحيثيات قضية الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي البصري (الهايكا) وإذاعة القرآن الكريم للنائب سعيد الجزيري، مؤكدة أن القضاء مستقل، وإذ تذكر النيابة العمومية “إن زمن التعليمات والولاءات قد ولىّ وانتهى، وأن استقلال القضاء يعدّ أهم مكسب من مكاسب الثورة التونسية، وأن القضاة التونسيين هم أول من طالب بالقطع مع منظومة الاستبداد والفساد”.

 كما اعتبرت النيابة العمومية، أن رفض حضور المتهمين من أعوان التنفيذ الراجعين للهيئة، لأعمال البحث، “هو ضرب لمبادئ المساواة أمام القانون وعدم احترام لسلطة القضاء ونيل من استقلاليته وهيبته”، وفق ما جاء في بيان حمل إمضاء الناطق الرسمي باسم المحكمة الابتدائية بزغوان، محمد بن هويدي.

يذكر أن فرقة الأبحاث العدليّة بزغوان، استدعت رئيس الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي والبصري ومراقبان تابعان لوحدة الرصد بالهيئة أمام فرقة الأبحاث العدلية بزغوان، على خلفية شكاية رفعها صاحب إذاعة “القرآن الكريم” النائب سعيد الجزيري بتهمة السرقة ومحاولة الاغتيال وذلك إثر عملية حجز معدات البث التابعة للقناة الإذاعية، التي قامت بها الهيئة بتاريخ 17 مارس 2021، في إطار قانوني وضمن الصلاحيات التي تملكها الهيئة.

وكان أعوان من هيئة السمعي والبصري مرفوقين بمأموري الضابطة العدلية، تولوا في 17 مارس 2021، تنفيذ قرار حجز تجهيزات البث التابعة لإذاعة “القرآن الكريم”، لاستمرارها في مواصلة البث دون ترخيص، بجبل زغوان، في حين تعذّر استكمال إجراءات الحجز بمقر الإذاعة بمنطقة مرناق من ولاية بن عروس، بعد أن تصدّى صاحب هذه القناة غير القانونية، سعيد الجزيري، لعملية الحجز، بتعلة أنه محل سكناه وعلى اعتبار أن له صفة نائب شعب ويتمتع بالحصانة البرلمانية، قبل أن يتقدّم بشكاية ضد الهايكا.

من جهته اعتبر رئيس الهيئة النوري اللجمي “أن الدعوة للتحقيق على خلفية القيام بواجب التنفيذ بقرارات هيئة تعديلية مستقلة هو سابقة خطيرة هدفها تركيع الهيئة”.

كما حذرت أكثر من 30 منظمة وجمعية، الحكومة والائتلاف الحكومي “من مخاطر سياسة المرور بقوة في ملف الهايكا وإحداث فراغ حولها في إطار سياسة مكشوفة لوضع اليد على الإعلام”، مؤكدة أنها “ستوظف كل إمكانياتها للتصدي لهذا المخطط البائس والديكتاتوري وستفوت الفرصة مرة أخرى على أعداء الحرية والديمقراطية”، وفق بيان مشترك صادر يوم الاثنين 26 أفريل الجاري.

وجاء رد النيابة العمومية بزغوان على “أن إيمانها بمبادئ المحاكمة العادلة والمساواة وعدم التمييز أمام القانون هو جزء من أسس دولة القانون والمؤسسات والنظام الديمقراطي طبقا لأحكام الفصل الواحد والعشرين من الدستور الذي  ينص على  أن المواطنين والمواطنات متساوون في الحقوق والواجبات وهم سواء أمام القانون، إضافة لأحكام الفصل 108 الذي ينص أن لكل شخص الحق في محاكمة عادلة وأن المتقاضين متساوون أمام القضاء”.

وعليه “فإنّ جميع الأشخاص، والمؤسسات والهيئات، بما في ذلك الدولة نفسها، خاضعة للمحاسبة وفقا للقوانين وعلى قدم المساواة ودونما تمييز”، حسب نص البيان.

وفي الختام أكدت النيابة العمومية أن “حملات التشويه الممنهجة التي تنتهجها بعض الأطراف للنيل من قضاة المحكمة الابتدائية بزغوان والتي ترتقي إلى مرتبة الجرائم القصدية”، حسب تقديرها،  لا تشرف هيئة دستورية في مستوى الهيئة المستقلة للاتصال السمعي والبصري.