أعلنت السلطات التّونسية، الأربعاء 28 أفريل 2021، “خطورة” الوضع الصحي في البلاد، وأكدت أن المنظومة الصحية مهددة جراء انتشار فيروس كورونا.

جاء ذلك على لسان المتحدثة باسم وزارة الصحة نصاف بن عليّة خلال مؤتمر صحفي، بمقر رئاسة الحكومة بساحة القصبة بتونس العاصمة، بمشاركة المتحدثة باسم الحكومة حسناء بن سليمان.

ورغم خطورة الوضع إلاّ أن الإجراءات التي تمّ تناولها لم تكن مطابقة لما هي عليه البلاد من أزمة صحية ووضع جد متدهور.

إجراءات لا ترتقي لخطورة الوضع العام الراهن

يعتبر أن أفضل وسيلة لمواجهة الوضع والحد من انعكاساته الكارثية تتمثل في الحد من انتشاره الواسع والقاتل والمعلوم أن عديد الإجراءات وقع الإعلان عنها رغم تأخرها واعتمادها لتمش تدريجي ذو جدوى ضعيفة فكان من المنتظر التطرق لإجراءات أكثر صرامة من سلفها كتطبيق حجر صحي شامل أو غلق الحدود البرية والبحرية والجوية.

فقد أصبحت المرافق الصحية العمومية غير قادرة على احتواء الأعداد المتزايدة للمرضى أو للمحتاجين لإجراء التحاليل نتيجة التطورات الخطيرة وغير المسبوقة التي يشهدها الوضع الوبائي في تونس من ارتفاع سريع في عدد الإصابات بالفيروس وانتشار السلالة البريطانية، حيث امتلأت أسرة الانعاش بالمصابين في المستشفيات العمومية، ووجد المواطنات والمواطنون أنفسهم فريسة لمنطق السوق ومضاربات القطاع الخاص في مواجهة الجائحة وصار حقهم في الصحة وفي الحياة مهددا أكثر من أي وقت مضى.

ومقابل ذلك لم تأبه الحكومة لتأزم الظرف الحالي، فقد قررت فقط منع استعمال الفضاءات الداخلية للمقاهي والاقتصار على الفضاءات الخارجية ومواصلة تعليق الدروس بالنسبة للتعليم الابتدائي والإعدادي والثانوي باستثناء الأقسام المعنية بالإمتحانات الوطنية.
كذلك إقرار الحجر الصحي الإجباري على الوافدين على تونس من الخارج مع إجبارية القيام بتحليل PCR لمدة 7 أيام.

وقد أثارت هذه الأخيرة موجة احتقان وغضب التونسيين معلقين أنها غير جدية ولا تتطابق مع الواقع الذي تعيش على وقعه البلاد منذ أشهر، كما تحرّك في هذا السياق المجتمع المدني بغية تسخير المصحات الخاصة لفائدة مرضى الكورونا نظرا لأن أسرّة الإنعاش قد نفدت تقريبا في جل الولايات بالنسبة للمصحات العمومية.

أقسام الإنعاش بلغت مداها

أمام امتلاء أسرة الإنعاش في المستشفيات وعدم قدرة القطاع العام على مزيد استيعاب العدد المتزايد للمرضى مما دفع حوالي 13377 منهم إلى حدود يوم 18 أفريل 2021 للتوجه للقطاع الخاص حيث تمّ إيواؤهم في المصحّات الخاصة وما يترتّب عنه من تعريفة باهضة جدا تتجاوز إمكانياتهم ومقابل حملة تلقيح تسير بنسق بطيء شملت حوالي 205 ألف مواطن بعد أكثر من شهر على انطلاقها، تحصّل أقل من ربعهم على الجرعتين.

يجد المرضى أنفسهم مهددين في حياتهم بالرغم من الوعود التي قدّمتها الحكومة للتكفّل بالمرضي المستنجدين بالقطاع الخاص و بالرغم من أنّ الدستور التونسي في فصله الـ 38 يقر بأن الصحة حق للجميع “تضمن الدولة الوقاية والرعاية الصحية لكل مواطن، وتوفر الإمكانيات الضرورية لضمان السلامة وجودة الخدمات الصحية”.

تسخير المصحات الخاصة لمرضى الكوفيد “حبر على ورق”

صرّح رئيس الغرفة النقابية للمصحات الخاصة، بوبكر بن زخامة إثر وفاة القاضية “سنية العريضي” نتيجة إصابتها بفيروس كورونا، أن تكفّل المصحات بالمصابين بكورونا على نفقة الدولة يتطلب توفر عدة شروط من بينها استنفاد طاقة الاستيعاب القصوى في القطاع العام، واستظهار المصاب برسالة تكفّل من وزارة الصحة”.

كما بينت هذه الحادثة تصريح رئيس الحكومة هشام المشيشي حول إمكانية تسخير المصحات الخاصة لعلاج المصابين بكورونا والذي أكد فيه أنه في صورة عدم إمكانية علاج مريض في المستشفى العمومي ستتكفّل الدولة بعلاجه في القطاع الخاص.

غير أن كل ما ورد بقي حبرًا على ورق، إذ أن الدولة لم تتطرق لهذا الإجراء كأحد الحلول في مقاومة تفشي هذا الوباء، تدهور حادّ ومشهد في منتهى القسوة وأطباء يصرّحون أنه قد أضحت خيارات حياة الأفراد بيدهم، فهم يقررون من كانت حالته تستوجب الإيواء على من لا حول لهم ولا قوة فيُلقى بهم دون رعاية، إلى جانب الذين يصارعون الأوجاع وضيق التنفس والآلام الحادة في كامل الجسم ويلقون حتفهم لعدم وجود الأوكسجين وأسرّة شاغرة في أقسام الإنعاش.

وفي هذا الصدد انتقد المكلّف بالإعلام في المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، رمضان بن عمر، القطاع الصحّي الخاص، على أنهم يرمون فقط لمراكمة الأرباح دون الانخراط في المجهود الوطني لمحاربة فيروس كورونا.