أعرب الاتحاد العام لطلبة تونس عن رفضه لآلية التدريس عن بعد التي أعلنت عنها وزارة التعليم العالي والبحث العلمي تبعا لقرارات اللجنة الوطنية لمجابهة جائحة كورونا يوم السبت 17 أفريل الجاري للتصدي لانتشار الفيروس المستجد.
وذلك لعدة أسباب مذكورة، نظرا لما من آلية التدريس عن بعد من جوانب سلبية على الفرد والمجتمع.
تجليات أزمة التعليم عن بعد في تونس
مع اندلاع جائحة كورونا وخطرها على طلبة المدارس، طالبت الحكومات بإغلاق المدارس حمايةً لهم، وللحفاظ على سلامة المعلمين والطلاب وأعضاء الهيئة التدريسية في الجامعات، غير أن هذه الآلية لم تخلو من النقائص مما جعلها محلا للنقد والرفض من قبل عديد الطلبة والأولياء، فما مدى تأثير آلية التعليم عن بعد على الأطفال والطلبة، وماهي آثارها النفسية والاجتماعية؟
صرّح الباحث في علم الاجتماع “علي الهمامي” لـ”JDD” أن التعليم عن بعد بصدد إنشاء جيل يفتقر لآليات التواصل والمشاركة، إذ أسهم ذلك في انعزال الدارسين عن العالم الخارجي، غير مكترثين به منفردين بشاشة صغيرة تؤرق أجسادهم وأعينهم فتُفقدهم للاتصال الاجتماعي الضروري للتعلم والتطور والإبداع مما وذلك يؤدي إلى آثار نفسية وخيمة كالإكتئاب والملل بسبب الرتابة والروتين اليومي وضعف الاتصال.
وأضاف أن حجم المعلومات التي يكتسبها الدارس من خلال التعليم عن بعد قد لا تكون مثل حضوره لقاعة الدرس، إذ يتم طرح تساؤلات ويتم التفاعل في الأقسام أكثر على عكس المنصات الرقمية التي تفتقر للتفاعل والأخذ والعطاء وهم بهذه اللآلية الخاوية لم يكتسبوا المهارات ولم يحصلوا على المعارف اللازمة.
فماذا عن نتائج التعليم عن بعد ؟
أكدت رئيسة الهيئة الوطنية لمكافحة الاتجار بالبشر روضة العبيدي لـ “JDD” أنه تمّ رصد نسبة 180.6% للاستغلال الجنسي للأطفال وهو رقم كارثي، وأوضحت أن ذلك قد تمّ عبر المنصات الرقمية وذلك يتم عبر استغلال المحتالين لجائحة الكورونا وانغماس الأطفال على الحواسيب والهواتف، فيقومون باستدراجهم ومراسلتهم بصور جنسية والتأثير عليهم، لذلك المراقبة الدائمة هي أمر وجوبي لتجنب مثل هذه الهفوات التي يمكن أن يقع فيها الأطفال.
إلى جانب ذلك تجدر الإشارة إلى أهم نتائج آلية التعليم عن بعد وهي خلق التباين بين شرائح المجتمع، فالمعهود أن كل المجتمعات تتخللها طبقات، وأن البلاد التونسية من البلدان الإفريقية النامية التي تفتقر إلى مرافق التوازن الاجتماعي، إذ لا يمكنها توفير جميع المستحقات للطلبة التي هي في حاجة إلى حواسيب وإنترنت، لذلك تساهم الدولة في هذا الإطار في تعميق الهوة بين طبقات المجتمع وضرب مبدأ تكافؤ الفرص بين جميع الطلبة ومجانية التعليم وهو دافع لخلق تفاوت علمي ومعرفي بينهم وانعدام المساواة نظرا وأن الدولة غير قادرة على توفير أرضية ملائمة لجميع الطلبة لقلة مواردها وأجهزتها، فالبلاد تتبع سياسة الغرب في تعليمهم غير أن الوضع لا يأبى ذلك، فالواقع مغاير لما نرنو إليه.
حريّ بالدّولة التونسية جعل أزمة كورونا وما نتج منها من أضرار على المؤسسات الخاصة والعامة، فرصة لإجراء إصلاحات عامة للمجتمع، وإيجاد حلول للتّعليم وغيره من الأمور الّتي تخصّ حياة الشّعب بأكمله.