أنهى قاضي التحقيق بالمحكمة الابتدائية بتونس أعمال البحث والتحقيق فيما عرفت بقضية “وفاة الرضع” عن غير قصد إلى 3 مشتبه فيهم، ووجه تهمة القتل عن غير قصد إلى المشتبه بهم الثلاثة وهم مديرة مركز التوليد وطب الرضيع وسيلة بورقيبة، ومدير الصيانة، ورئيس قسم الصيدلة بنفس المركز.
وسيحال المتهمون إلى جلسات المحاكمة.
نذكر أن مستشفى الرابطة بالعاصمة شهد في مارس 2019 وفاة 14 رضيعا في أسبوع واحد في كارثة هزّت الرأي العام في تونس، بسبب تعفّن جرثومي في أكياس المستحضر الغذائي، وفق ما خلص إليه تحقيق قامت به لجنة طبية.
مسؤولون في قفص الاتهام
أثارت هذه الحادثة صدمة التونسيين وأشعلت غضبا واسعا على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث طالب الجميع بفتح تحقيقات صارمة في هذا الغرض لتحديد المسؤوليات وإقالة الأعوان الذين لهم علاقة بهذه “الجريمة”.
واعتبر النائب بالبرلمان ياسين العياري، أن موت 14 رضيع بدواء فاسد داخل مستشفى حكومي، ائتمن أولياؤهم الدولة عليهم، هي “فاجعة وطنية” تتطلب التعامل معها بكل جدية ومحاسبة كل من قصّر، مضيفا أنه “من باب المسؤولية السياسية، فإنّ وزير الصحة مطالب بتقديم استقالته فورا، والبرلمان مطالب بتحمّل مسؤوليته كاملة، كما أنّ النواب مطالبون بالتصرف كنواب شعب لا كنواب أحزاب أو كتل أو تحالفات”.
في الأثناء، دخلت السلطة القضائية على الخطّ، حيث أذنت النيابة العمومية، بفتح تحقيق في هذه الحادثة، تحوّل على إثره قاضي التحقيق بالمحكمة الابتدائية بتونس العاصمة، على عين المكان صحبة ممثل النيابة لتحديد ظروف وملابسات هذه الوفيات.
وفي هذا السياق أفاد الناطق الرسمي باسم المحكمة الابتدائية بتونس 1 محسن الدالي لـ “JDD”، ان قاضي التحقيق بالمحكمة الابتدائية بتونس المتعهد بملفات الرضع الذين توفوا بمركز التوليد وطب الرضيع بمستشفى الرابطة بالعاصمة بتاريخ 6 و7 مارس 2019 قد أنهى أعمال البحث والتحقيق ووجه تهمة القتل عن غير قصد بسبب عدم أخذ الاحتياط والاهمال وعدم التنبه، وأضاف الدالي أنه بعد توجيه هذه التهم إلى الآنف ذكرهم، يقرر إحالتهم على الدائرة الجناحية بالمحكمة الابتدائية بتونس لمقاضاتهم من أجل ذلك”.
“قضية الرضع” طبق المجلة الجزائية
إنّ عدم أخذ الاحتياطات اللازمة والعناية المستوجبة، أو إعطاء الرضيع موادا تسبب في موته، تعتبر جريمة جنائية على معنى أحكام الفصل 217 من المجلّة الجزائية الذي ينصّ على أنّ «يعاقب بالسجن مدة عامين وبخطية قدرها سبعمائة وعشرون دينارا مرتكب القتل عن غير قصد الواقع أو المتسبب عن قصور أو عدم احتياط أو إهمال أو عدم تنبّه أو عدم مراعاة القوانين”.
إن دستور جانفي 2014 منح للطفل أهمية كبرى، وذلك تجلّى بين فصوله القانونية، إذ تضمن الفصل السابع:” أن الاسرة هي الخلية الأساسية للمجتمع وعلى الدولة حمايتها”، وفي باب الحقوق والحريات نصّ الفصل 47:”على أن حقوق الطفل على أبويه، وعلى الدولة ضمن الكرامة والصحة والرعاية…” ويضيف الفصل:”على الدولة توفير جميع أنواع الحماية لكل الأطفال دون تمييز ووفق المصالح الفضلى للطفل…” إلى جانب الاتفاقيات التي نصّت على أهمية حقوق الطفل وواجب احترامها.
إن قضية الرضع هي جريمة واضحة واعتداء على حقوق الطفل والأسرة، وذلك سبب للإهمال وعدم اخذ الاحتياط وعدم التنبه، وعدم الاكتراث للقوانين المنظمة لذلك وهي تعتبر جريمة أخلاقية ومادية من الواجب التشديد في العقوبات المسلّطة على الإطارات المتورطة في ذلك.