من المقرر عقد جلسة منح الثقة لحكومة الوحدة الوطنية الجديدة في ليبيا، يوم 8 مارس الجاري، بسرت، خاصة بعد تسليم رئيس الحكومة المكلف عبد الحميد دبيبة، تشكيلة حكومة الوحدة الوطنية مرفقة بالأسماء المقترحة لتولي الحقائب الوزارية لهيئة رئاسة مجلس النواب الليبي.
وقد تطرح مسألة انتقال السلطة الليبية من السراج إلى الدبيبة، إشكالا، خاصة بعد الأمر الذي أصدره رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني فايز السراج، لأعضاء فريقه الحكومي والقاضي بعدم التعامل والتواصل مع السلطة التنفيذية الجديدة، علما وأن حكومته أصبحت منذ انتخاب الدبيبة حكومة تصريف أعمال.
وجاء هذا القرار بتاريخ 2 مارس 2021، حيث طالب السراج، وزراء حكومته ورؤساء الهيئات والمؤسسات العامة في البلاد، بعدم التواصل مع القيادات المنبثقة عن الحوار الوطني قبل اكتسابها شرعية العمل السيادي.
قرار السراج يهدف إلى تعطيل المسار!
ورأى النائب في البرلمان الليبي إبراهيم الدرسي في تصريح لـ”العرب” أن ما جاء في قرار السراج هو عبارة عن “وضع العصي في العجلات”، وزيادة الضغط على حكومة الوحدة الوطنية برئاسة الدبيبة التي تتعرض لضغوط أخرى من بعض النواب الذين يُساومونها على الحقائب الوزارية والمراكز، حسب تعبيره.
من جهته استنكر وكيل وزارة الخارجية الأسبق بالحكومة الليبية حسن الصغير، قرار السراج، قائلا ”أنه يدخل تحت بند تعميق الأزمة الليبية”.
كما أوضح الصغير خلال تدوينة له عبر الفيسبوك أن ‘السراج منذ أكتوبر 2015 حتى بداية 2016 التقى في تونس ومصر والمغرب بالعشرات من الوزراء والمسؤولين الليبيين في الحكومة المؤقتة وحكومة الإنقاذ، والآن يطلب عدم الالتقاء بمن سيخلفه، هذه الخطوة تعتبر عند السراج حينها عرقلة، والآن اسمها حرص على حسن سير العمل والنأي بالمؤسسات عن التأثر بالعملية السياسية”.
حكومة الدبيبة ستكون ولادتها عسيرة
كشف الناشط السياسي في الشأن الليبي مصطفى عبد الكبير في حديث اليوم السبت 6 مارس 2021، لـ ”JDD” أن ولادة حكومة عبد الحميد الدبيبة ستكون عسيرة.
وأرجع عبد الكبير ذلك إلى كون التصويت على تلك الحكومة، خلال اللجنة المشتركة “5+5” بجنيف شابه الكثير من الغموض، على غرار الشخصيات المشاركة في اللجنة، معتبرا أنهم غير معروفين ولا مؤثرين في الشأن الليبي، مما ساهم في فشل الحوار الليبي في تونس وانتقاله إلى جنيف، قائلا إن هناك حديثا عن ”ضغوطات وبيع ذمم” وذلك بالرجوع إلى القائمات المقترحة الأخرى برئاسة عقيلة صالح، وفتحي باش آغا، ليقع الاختيار على قائمة الدبيبة.
كما أضاف محدثنا أن ليبيا لا تحتاج اليوم إلى عبد الحبيب دبيبة باعتباره رجل اقتصاد، مشددا على أنه لا يمكن الحديث عن مسار اقتصادي وسياسي في البلاد، في ظل غياب المسار الأمني، والذي هو رهين وجود قوى فاعلة ووازنة في الشأن الليبي للسيطرة على الميليشيات، على غرار الونيفي وباش آغا وعقيلة صالح، وفق رأيه.
وتوقع ضمن نفس السياق، منح البرلمان الليبي الثقة لحكومة عبد الحميد دبيبة، خاصة وأن الليبيين يستبشرون خيرا بها، متسائلا عن مدى قدرتها على ضمان أمنها واستقرارها في الفترة القادمة؟
استقرار ليبيا له تداعيات على المنطقة العربية والعالم ككل
وفي علاقة بقرار، مقاطعة التعامل مع الحكومة الجديدة، اعتبر الناشط السايسي مصطفى عبد الكبير، أن فايز السراج مجرد “ساعي بريد”، وهو ”ناقل لقرار سلطة في المنطقة الغربية لها مرجعية سياسية ممزوجة برأي ميليشوي رافضة لتعيين دبيبة”.
ولاحظ عبد الكبير أن قرار السراج سيكون من بين الاعتبارات والأسباب التي ستساهم في الولادة العسيرة للحكومة الجديدة برئاسة الدبيبة، مؤكدا أن قيادات حزبية وميليشاوية كثيرة، وعديد القبائل الوزانة في البلاد، جميعها رافضة لتشكيل هذه الحكومة، قبل الوصول إلى الحديث عن الأسماء المكونة لها، وفق تصريحه، لـ ”JDD”.
ولم يخف الناشط السياسي عبد الكبير أمله في أن ترى حكومة دبيبة النور وتظهر للعلن من أجل المساهمة في استقرار أمن ليبيا، لما له من تداعيات على أمن المنطقة ككل منها العربية والإفريقية وأيضا الأوروربية.
حضور تونس في الشأن الليبي مسألة مهمة
الناشط السياسي التونسي عبد الحميد الجلاصي قال في تصريح لـ ”JDD”، في علاقة بقرار السراج، إن انفراج الأزمة، ليس دائما طريقا سيارة نحو الاتفاق، كما أن السبيل ليس بالضرورة ممهدا لتمثيله على أرض الواقع.
وأضاف محدثنا أن وجود قوى معرقلة، ومقاومة، هي من مقتضيات الطريق، معتبرا أن النقطة الأبرز في الأزمة الليبية،هي مساهمة عقلاء البلاد في الدفع نحو الاتفاق قصد تجاوز عديد المطبات والعراقيل المتوقعة من بعض الأطراف التي لم تجد حظها في مواصلة الحكم، وفق تقديره.
وعبّر السياسي التونسي عبد الحميد الجلاصي عن تفائله من نجاح المسار الليبي، معربا عن تخوفه في الآن نفسه من الحضور التونسي في الشأن الليبي ، والذي اعتبره مهما جدا لتقديم الخبرة لتذليل الصعوبات، وتقريب وجهات النظر، وخاصة فتح الآفاق نحو الاستثمار، والتجارة التونسية، مضيفا أن هذا التمشي رهين حل الأزمة التونسية أولا، وفق رأيه.
وللإشارة فقد أعلنت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، يوم الخميس 4 مارس 2021، وصول وحدة مراقبين دوليين لوقف إطلاق النار إلى ليبيا، بعد توصية من الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش.
اللجنة العسكرية جاهزة لتأمين جلسة منح الثقة في سرت
أكدت اللجنة العسكرية الليبية المشتركة ‘5+5’ تأمين موقع اجتماع مجلس النواب الليبي في مدينة سرت التي يسيطر عليها الجيش الوطني الليبي، مشيرة إلى جاهزيته لعقد جلسة منح الثقة للحكومة الجديدة في موعدها، وذلك بعد أن قال رئيس مجلس النواب الليبي عقيلة صالح إنه في حال لم تكن سرت جاهزة لاحتضان جلسة منح الثقة فإنه سيتم اجراؤها في المقر الرئيسي لبرلمان طبرق.
مرت 10 سنوات على سقوط نظام معمر القذافي، لتعيش ليبيا على وقع أزمة سياسية متداخلة الأطراف، حيث أكد عديد المراقيبن، أن الحل لتجاوزها هو التوصل إلى اتفاق بين جميع الفرقاء اللليبين، لما فيه مصلحة البلاد والعالم.
فهل ستكون حكومة عبد الحميد دبيبة قادرة على مواجهة التحديات وإرساء الاستقرار على جميع المستويات في ليبيا؟