صحيفة الأحد – Jdd Tunisie

هل وصلت تونس فعلا إلى مرحلة الإفلاس؟

بالرغم من تخفيض الترقيم السيادي لتونس من قبل الوكالة الأمريكية للتصنيف الائتماني “موديز”، من B2 إلى B3، يوم الثلاثاء 23 فيفري 2021، مع المحافظة على آفاق سلبية، لا يزال وزير الاقتصاد والمالية ودعم الاستثمار، علي الكعلي، يستبعد وصول البلاد إلى سيناريو الإفلاس، فيما تتعالى التحذيرات وصفارات الإنذار من قبل الخبراء والمختصين في الشأن الاقتصادي من بلوغ هذه المرحلة.

ويؤكد الوزير أن المداخيل الجبائية متوفرة بخزينة الدولة وكفيلة بتغطية الأجور التي تصل خلال سنة 2021 إلى 20 مليار دينار، مشددا على أن حصول الدولة على هذه المداخيل سيساهم في تجاوز مرحلة الخطر، وفق تقديره.

وأمام هذا التضارب، لابد من استيعاب مفهوم الإفلاس الذي حذر منه الخبراء وانعكاساته على الوضع الاقتصادي الذي تعيشه بلادنا!

نوعان من الإفلاس؟

أكّد الأستاذ في الاقتصاد رضا الشكندالي في تصريح لـ”JDD”، اليوم الثلاثاء 2 مارس 2021، أن هناك نوعان من الإفلاس، الأول بمعنى عجز الدولة عن خلاص أجور الموظفين، أي ما يسمى “الإفلاس بالعملة المحليّة” وهو أمر مستبعد خاصة وأن الدولة قادرة على التعامل معه وتفاديه من خلال حلول ترقيعية، والنوع الثاني من الإفلاس بمعنى العجز عن سداد الديون الخارجية وهو “الإفلاس بالعملة الأجنبية” وهو السيناريو المطروح الذي حذر منه الخبراء، بعد صدور تقرير وكالة “موديز”.

ولا يمكن أن نتحدث عن الإفلاس بالمعنى الأول، نظرا لسيادة تونس على العملة المحلية، لإمكانية اللجوء في أتعس الحالات إلى البنك المركزي من أجل تمويل الأجور فليس هناك دولة في العالم عجزت عن دفع أجور الموظفين حتى في أصعب فتراتها، وفق محدثنا، لكن هذا الإجراء في صورة تطبيقه سيكون له تابعات خطيرة على مستوى الأسعار التي من المنتظر أن تشهد تضخما كبيرا نظرا لارتفاع الاستهلاك وغياب الإنتاج.

تونس قد تعجز عن تسديد ديونها الخارجية

في المقابل حذر رضا الشكندالي، من أن الوضع خطير فيما يتعلق بإفلاس الدولة بالمعنى الثاني، خاصة وأنه لا سيادة لتونس على العملة الأجنية من جهة، وعجزها عن توفير العملة الصعبة، من جهة أخرى، إلا عبر 3 حلول هي أساسا التصدير والسياحة أو التحويلات المالية للتونسيين بالخارج أو التداين من المنظمات الدولية، وأمام ما تشهده البلاد اليوم من ركود اقتصادي والتوقف الكلي لأنشطة التصدير والسياحة جراء تفشي فيروس كورونا في ظل رصيد متواضع لتحويلات التونسيين بالخارج وتنامي حجم الديون الخارجية.

سيكون خروج تونس على السوق المالية الخارجية، لتعبئة تمويلات بالعملة الصعبة، صعبا جدا في ظل التصنيف السلبي لتونس من قبل وكالة “موديز”، مما يهز من صورة الدولة ويعكس عدم قدرتها على إرجاع هذه الديون، وفق محدثنا.

توصيات جديدة لصندوق النقد الدولي

تجدر الإشارة إلى أنه تم تخفيض الترقيم السيادي لتونس من ”B2” إلى ”B3” مع الإبقاء على آفاق سلبية، في آخر تقرير نشرته الوكالة الأمريكية للتصنيف الائتماني “موديز”، فيما رجحت الوكالة أن يتم خلال المرحلة المقبلة تخفيض هذا التصنيف الائتماني إلى”Caa”، وهو ما يعني وفق معايير الوكالة العالمية أن تونس قد تصنف مستقبلا كبلد عالي المخاطر من حيث عدم القدرة على الالتزام بتعهداتها المالية.

وقد حذّر خبراء اقتصاديون، مؤخرا من أن الترقيم السيادي لـ”موديز” سيكون حاسما، من حيث تفاعل شركاء تونس الدوليين وخاصة صندوق النقد الدولي، الذي قد فرض إجراءات جديدة تتمثل أساسا في التخفيض في نسبة العجز المالي الذي يمثل بدوره هدفا للسياسة المالية العمومية وما يتعلق بها من إصلاحات.

كما شدد الصندوق على ضرورة خفض كتلة الأجور والحد من دعم الطاقة مع إعطاء أولوية للإنفاق على الصحة العامة والاستثمار وتوجيه الدعم لمستحقيه، كما حث الصندوق السلطات على ضرورة تعزيز العدالة الضريبية، بالإضافة إلى تنفيذ إصلاحات على مستوى المؤسسات العمومية واعتماد خطة للحد من مخاطر هذه المؤسسات على المالية العمومية والنظام المالي للبلاد وتعزيز الحوكمة وإعداد التقارير المالية والشفافية.


الخروج من نسخة الهاتف المحمول