حسب مقاربة إقليمية معمقة أنجزها مركز كارنيغي للشرق الأوسط نشرت سنة 2015، فإن “القوات المسلحة التونسية هي الأصغر حجما في العالم العربي، حيث يبلغ تعدادها 40.500 فرد في الخدمة الفعلية من أصل عدد سكان تونس الذي يقرب 11 مليون نسمة، ولم يخض جنود الجيش التونسي أي حروب كبرى، حيث ظلوا إلى حد كبير “سجناء” في الثكنات كما قال العميد المتقاعد الهادي القلسي في مقابلة خاصة أجراها مع الكاتب شاران غريوال في 2015″.
وفقا للقانون التونسي فإن “القوات المسلحة” يقصد بها الأعوان الحاملون للسلاح والتابعون للقوات المسلحة العسكرية وقوات الأمن الداخلي والديوانة.
كيف تنقسم هذه القوات المسلحة في تونس؟ ومن هو قائدها؟
الجيش الوطني التونسي
الجيش الوطني التونسي هو من القوات المسلحة الرسمية للجمهورية التونسية، والتي تتبع لوزارة الدفاع الوطني.
وقد تأسست بعد أشهر من استقلال تونس، بالتحديد في 30 جويلية 1956، وتنقسم إلى 3 أفرع رئيسية، وهي جيش البر وجيش البحر وجيش الطيران.
ساهمت تونس، بداية من سنة 1960، في العديد من مهام حفظ السلام بالعالم، سواء تحت راية الأمم المتحدة في 16 مهمة أو تحت راية الاتحاد الإفريقي من خلال 4 مهام، ولا تزال تساهم في 2 من هذه المهام وهما بعثة الأمم المتحدة لتحقيق الاستقرار بجمهورية الكونغو الديمقراطية (MONUSCO) ومهمة الأمم المتحدة بالكوت ديفوار (ONUCI)، حسب وزارة الدفاع.
قوات الأمن الداخلي
تتكون قوات الأمن الداخلي التونسية من الأمن الوطني والحرس الوطني والإدارة العامة للديوانة والديوان الوطني للحماية المدنية والإدارة العامة للسجون والإصلاح.
وأكدت أستاذة القانون الدّستوري سلسبيل القليبي في تصريح لتونس الرّقمية سابقا، “أنّ الدّستور التونسي تحدّث في فصلين منفصلين عن القوات المسلّحة كلّ فصل على حدى، مؤكدة أنّ الفصل 17 من الدّستور ينصّ على كون الدّولة تحتكر إنشاء القوات المسلّحة، ونصّ الفصل 18 وفق قولها على كون الجيش الوطني هو جيش جمهوري قائم على الانضباط، أمّا الفصل 19 من الدّستور المتعلق بالأمن الوطني فيقول إنّ الأمن الوطني هو أمن جمهوري، وبالتالي فإنّ الدّستور لا يدمج كلاّ من الأمن الوطني والجيش الوطني في نفس الفصل وهذا يعني أنّهما قوّتان منفصلتان”، وفق قولها.
من يقود هذه القوات؟
رئيس الجمهورية التونسية هو القائد الأعلى للقوات المسلحة ويشغل المنصب الآن قيس سعيد، ووزير الدفاع هو إبراهيم البرتاجي، أما بالنسبة لمنصب رئيس أركان القوات المسلحة فقد تم إلغائه منذ جويلة 2013 بعد تقاعد رشيد عمار، والمهتم بأركان جيش البر الآن هو أمير لواء محمد الغول.
رئيس أركان القوات المسلحة هي قانونيا اسم أكبر رتبة عسكرية في الجيش الوطني التونسي وتم إلغاؤها في صيف 2013، وآخر متقلد للمنصب هو الجنرال رشيد عمار الذي تسلمه في 19 أفريل 2011، وقد كان قبل هذا جنرال فيلق ورئيس أركان جيش البر، وقد استقال الجنرال رشيد عمار في 25 جويلة 2013 بعد وصوله إلى سن التقاعد.
من هو الرئيس الجديد لأركان جيش البرّ؟
عين أمير اللواء محمد الغول رئيسا لأركان جيش البرّ في 1 جوان 2018، وذلك بعد فترة وجيزة من توليه مهام ملحق عسكري بواشنطن من 2016 إلى 2018.
وأمير اللواء محمد الغول البالغ من العمر 60 سنة، تلقى تكوينه العسكري بالأكاديمية العسكرية (1980-1984) وقام بتربّص دروس نقباء المدفعية (1990-1991) في تونس ثم بالولايات المتحدة الأمريكية (1992).
كما تولى أمير اللواء عديد المهام منها آمر سرية مدفعية، ثم رئيس مكتب بالإدارة العامة للأمن العسكري (1995-200) وآمر الأكاديمية العسكرية (2013-2014).
من هو الرئيس الجديد لأركان جيش البحر؟
هو العميد بالبحرية عادل جهان الذي تولى رئيس الجمهورية القائد الأعلى للقوات المسلحة قيس سعيّد، ترقيته إلى رتبة أمير لواء بالبحرية بمناسبة تعيينه رئيسا لأركان جيش البحر في 13 ماي 2020.
وحسب وزارة الدفاع الوطني، فان عادل جهان تخرج من الأكاديمية البحرية، وتابع دراسته بمختلف المدارس العسكرية بتونس والخارج، وتدرج في مختلف المهام العسكرية، ومن أهمها رئيس مكتب العمليات والدراسات والتنظيم بأركان جيش البحر، وآمر المصلحة الوطنية لخفر السواحل، والمدير العام لمركز الاستشعار عن بعد، ورسم الخرائط، وآمر المدرسة الحربية العليا قبل أن يعين ملحقًا عسكريا بفرنسا.
هل قيس سعيد القائد الأعلى لمختلف القوات المسلحة؟
أثار تصريح رئيس الجمهورية قيس سعيد عن كونه القائد الأعلى للقوات المسلحة بما في ذلك الجيش الوطني والأمن الوطني أيضا، وهو ما يعني أن كل القطاعات الحاملة للسلاح والتي تنضوي تحت وزارات مختلفة تأتمر بأمر رئيس الجمهورية، تساؤلا حول هذه السلطة.
وأوضحت أستاذة القانون الدّستوري سلسبيل القليبي حول هذه النّقطة تحديدا في تصريحاتها السابقة، “أنّ الجواب هو بالنفي وذلك لكون كلّ الحقائب الوزاريّة تحتاج أن يتمّ تعيين من يكون على رأسها من قبل رئاسة الحكومة والتشّاور مع رئيس الجمهوريّة يكون بخصوص حقيبتين فقط وهما الدفاع والخارجية إما في حالة التعيين أو في حالة الإقالة، وبالتالي فإن الرّئيس المباشر لوزارة القوات الأمنية هو وزير الدّاخلية، وهو الأمر الذي أصبح يشكل مشكلا في الدّستور، وفق قولها، لأن مصطلح القائد الأعلى للقوات المسلحة لم يعد مفهوما”.
كما أشارت أستاذة القانون الدستوري إلى أن “الموضوع أصبح مرتبطا بالفصلين 18 و 19 المنفصلين وكذلك مرتبط بالحقائب الوزارية، من يتحكّم فيها ومن يعيّنها، موضحة أنّه توجد نقطة أخرى من الممكن أن تحسم هذه المسألة وهي مجلس الأمن القومي الذّي يرأسه رئيس الجمهوريّة ويقوم بالدّعوة لانعقاده ولكن تشارك فيه رئاسة البرلمان ورئاسة الحكومة أيضا وهذا لا يعني أن كلّ الأطراف التي تجلس في مجلس الأمن القومي هي تحت إشراف رئاسة الجمهورية”.
انتقال إدارة الجيش من الحكم الشخصي إلى قنوات أكثر لامركزية
تقول المقاربة الإقليمية المعمقة التي وضعها مركز كارنيغي للشرق الأوسط والتي أُعدت كجزء من مشروع “إعادة النظر في العلاقات المدنية-العسكرية 2014-2015: المتعلقة بالحوكمة السياسية والاقتصادية في المرحلة الانتقالية”، إن النظام الرئاسي السابق سهل سيطرة بن علي الشخصية على الجيش، حيث منح الدستور الرئيس المسؤولية الحصرية عن الأمور العسكرية.
ويضيف التقرير أن إدارة الجيش في الدستور المؤقت الذي أصدرته حكومة “الترويكا” في بداية فترة ولايتها في ديسمبر 2011، أصبحت مسؤولية مشتركة بين الرئيس ورئيس الوزراء حيث كان الرئيس مكلفا بتعيين المناصب العسكرية العليا “بالتشاور مع رئيس الوزراء” وأبقى دستور العام 2014 على هذه الصيغة في ما يتعلق بالتعيينات العسكرية وحدد تقاسم الصلاحيات بصورة أكثر وضوحا، حيث سمى الرئيس القائد العام للقوات المسلحة المسؤول عن إعلان الحرب و”وضع السياسات العامة للدولة في مجالات الدفاع والعلاقات الخارجية والأمن الوطني” مما يعني ضمنيا أن رئيس الوزراء ووزير دفاعه سيكونان مسئولين عن إدارة الأمور العسكرية والدفاعية الأكثر روتينية.