اعتبر النائب بمجلس نواب الشعب الصافي سعيد في حوار لـ”JDD”، اليوم الأحد 28 فيفري 2021، أنه من حق الجميع الخروج للشارع والتظاهر، أحزابا كانوا أو أفرادا أو جمعيات أو نقابات لكن ما فائدتها ومن يستمع إلى الشارع؟
وقال إنّ الأطراف المشاركة في الحكومة خرجت أمس السبت للتظاهر فما الذي يطلبونه؟ إذا كانوا يريدون تغيير الحكومة أو تغيير السياسات فليغيّروها مضيفا “هل يطالبون بالخروج من الأزمة التي افتعلوها وأصبح كل واحد منهم يديرها لصالحه بطريقة ما؟”.
وصرّح أنّه من غير المعقول أن يتم جلب المحتجين والأنصار من ولايات مختلفة للتجمع في جهة معينة موضحا أن للحزب قاعدته الشعبية وجماهيره التي تكون منطقيا موجودة في كل مدينة، واصفا “استيراد” المحتجين بالتحشيد والتجييش و”الخطأ في العمل السياسي لأن التنظيم قد ينفلت باعتبار أنّ السيطرة على الشارع صعبة مهما كانت درجة التنظيم وامتلاك وزارة الداخلية للإمكانيات باختلاط المشارب والمآرب فإن الصدام دائما ممكن”.
وأضاف أن المظاهرات لا تكون بهذه الطريقة لأنها استجابة طبيعية وحضانة شعبية وإذا لم يكن للحزب أو التنظيم أو النقابة جماهير في الجهة التي ينوي التجمع فيها فلا يوجد مبرر للتنقل إليها.
لا أحد بيده السّلطة
قال الصافي سعيد في حوار لـ”JDD”، إن الاحتكام إلى الشارع يكون إجمالا عند حدوث أزمات قد تصل إلى الصدام من خلال خروج جماهير للاحتجاج على حكومة أو سياسة أو استبداد لكن اليوم يخرج الجميع للتظاهر لأن لا أحد بيده السلطة، ولا أحد بيده الحل والربط لأن جميعهم مقيدون بالحبل ذاته وكلهم يعيشون أزمة ويظنون أنّهم سيأخذون من الشارع بعض الأكسيجين لكن لا يوجد به حاليا إلا الغبار الذي يثيرونه حتى لا يصبح أحد قادرا على الرؤية، حسب تعبيره.
وتابع أنّهم إذا كانوا حكّاما ويعون وضع البلاد فعليهم الجلوس والتفاوض وإيجاد الحلول مشيرا إلى أنّ كل مشاكل العالم حُلت في المفاوضات.
وتحدث في إشارة إلى الأزمة السياسية قائلا “أنتم قطعة واحدة في نظام واحد وبوتقة واحدة” مضيفا “تخرجون للشارع أتريدون حرقه؟ لم يعد هناك شارع أصلا أصبحت الشوارع بمثابة إيديولوجيات وإغراءات لحروب سياسية تبدو بسيطة في البداية ولكن سرعان ما تتحول إلى إيماءات من التعصّب”.
الأزمة السياسية من يتحمل مسؤوليتها؟
أكّد الصافي سعيد أن رئيس الحكومة هشام المشيشي لا سلطة له ويحكم بـ 8 وزراء ولا يتحدث مع رئيس الجمهورية، ورئيس البرلمان يواجه باستمرار لوائح لسحب الثقة منه ،ورئيس الجمهورية قيس سعيد مسجون في قصر لأقاويل وتفسيرات معينة، وفق قوله.
وأضاف سعيد أنّ لا أحد يملك السلطة في تونس وجميعهم يكذبون ماعدا وزارتي الدفاع والداخلية، وعندما يُفضح أمر أحدهم يخرج للشارع لأنه لا يمتلك سلطة القرار.
وفي تشخيصه للأزمة السياسية، صرّح سعيد أنّ كل أسبابها متوفرة، الجهل والتضخم وعدم الوطنية وفقدان “الرجولة” في العمل السياسي والتحريك من الخارج، إلى جانب اختلاط المسارات حيث لم نعد نميز بين الرجعي والتقدمي والدولة الصديقة والعدوة ولم نعد نعرف طريق التنمية الجديد مشيرا أن جميعهم في قلعة مغلقة لا يدخلها الضوء والأكسيجين، وفق تعبيره.
وتابع أنهم مقيدون بالحبل ذاته المتمثل في القانون الانتخابي والدستور مشيرا إلى أنهم نظريا يعرفون طريق التغيير لكن القرار السياسي يأتي من الخارج لأن من لا مال له لا سلطة له، حسب قوله.
ما حصل في تونس ليس ثورة
اعتبر الصافي سعيد أنّ الدولة التي لا تأتي بالدواء لشعبها لا تُحترم لا رئيسا ولا رئيس حكومة ولا رئيس برلمان ولا نواب ولا وزراء، في هذا الظرف بالذات التي تعتبر فيه تونس من أكثر الدول تأخرا في جلب لقاح كورونا والتي لم تقدم موعدا واضحا إلى حد اللحظة لوصوله.
وأضاف سعيد، أنّه لو تم هدم تركة النظام القديم لانتهينا من إعادة البناء لكن “لم يتم هدم أي شي ولم نقم بثورة إنما ما تم هو انتقال السلطة لكن أُطلق عليه تسمية انتقال ديمقراطي وعادت بعد ذلك وجوه النظام السابق التي كانت تمتلك السلطة بعد أن أفلست كمشاريع ومنوال تنموي وفكري وسياسي”.
وقال “حصلت في تونس ثورة بالوكالة ولذلك صنعوا لنا نظاما ودستورا ونظاما بالوكالة”
كيف سيتم تجاوز الأزمة؟
واعتبر الصافي سعيد أن حل الأزمة السياسية سهل جدا، من خلال اجتماع مختلف الفرقاء ووضع جدول زمني للاتفاق على النقاط الخلافية بعد التخفيف عن أوجاعهم الداخلية لأن شعبهم ينتظرهم ولكن التاريخ لن ينتظرهم ولن ينصرهم ولن يتذكرهم، جميعا، بمن في ذلك الشخص الذي يتكلم عن التاريخ صباحا مساء، وفق تعبيره.
وأضاف أنّه لا يرى فيهم الكفاءة السياسية والفلسفية والعقلية لاتخاذ موقف الحوار والتفاوض مشيرا إلى أنه لا يمكن تسميتها بتنازلات لأن السياسة بلا تنازلات تتحول إلى حرب، وبإغلاق باب التسويات ندخل إلى منطق الحرب.
وتابع أنه بتصميم جميع الأطراف على عدم التنازل فإنهم يرفعون منطق الحرب وحتى في الحرب فإن التازلات لا تقع إلا بالغَلبة في حين أنّه لا يوجد غالب في تونس قائلا إن ما يجري في تونس حرب الجبناء لأن جميعهم عاجزون عن الذهاب للحل الحقيقي وعاجزون عن الذهاب إلى الحرب المعلنة”.