يتعرض يوميا العشرات من المواطنين إلى عمليات سلب ونهب من قبل منحرفين خارجين عن القانون وهو أمر اعتاده التونسيون ولم يعد الأمر يثير الاستغراب والدهشة نتيجة تفشي الظاهرة بطريقة رهيبة، لكن أن يصل الأمر إلى السطو على سيارة وزير الداخلية وبعض الوزراء والإطارات الأمنية الذين يتمتعون بحماية عالية, هذا ما يثير بعض الشكوك حول مدى نفوذ الأطراف التي تقف وراء هذه السرقات؟ وما الغاية من استهداف الإطارات الأمنية والوزراء؟.
سرقات مركزة أم مجرد صدفة؟
لم تكشف وزارة الداخلية بعد عن ملابسات عملية السطو على السيارة الإدارية لوزير الداخلية الجديد وليد الذهبي رغم التعهد من طرف المصالح المختصة بمتابعة الحادثة التي تعد الأولى من نوعها في تونس، كما لم يتم نشر أي نتائج بخصوص سرقة أموال مدير الأمن الوطني السابق والقيادي بلجنة مكافحة الإرهاب وغيرهم من الإطارات الأمنية والسياسية التي تم السطو عليها.
وخلفت هذه الحادثة ردود فعل كبيرة من طرف المتابعين للشأن العام في تونس متسائلين عن واقع الوضع الأمني بتونس بما أن السرقات أصبحت تطال كبار المسئولين في الدولة ناهيك عن المواطن العادي الذي لا يتمتع بأي حماية أمنية.
وفي هذا الإطار أكد الخبير الأمني علي زرمديني إن الوضع العام الذي تشهده تونس والتسيب المجتمعي خلق نوعا من العصابات المنظمة التي لا تستثني أي طرف دون تقدير لا للشخص المستهدف ولا للعواقب التي يمكن أن تنتج عن ذلك.
وشهدت البلاد خلال الأسابيع القليلة الفارطة موجة من الاحتجاجات استغلها البعض للسطو على ممتلكات عامة وخاصة، وهو ما يعري الواقع البائس الذي أصبح يعيشه الشاب التونسي نتيجة عجز الدولة والحكومات المتعاقبة عن إيجاد حل للمعضلة الاجتماعية والاقتصادية.
الجريمة منظمة لكن..
ويضيف الخبير الأمني علي زرمديني أن هذه الجريمة التي تعرف بمصطلح “البراكاجات” أصبحت منتشرة بشكل كبير، وتستهدف بالأساس الأطراف التي تظهر عليها علامات الرخاء، كما طالت حتى المتشردين وهي الطبقة الاجتماعية الأضعف، مضيفا أن ذلك يحصل بناء على عوامل اقتصادية واجتماعية وتحت تأثير عامل استثنائي وهو المخدرات.
وتابع زرمديني أن عملية الاستهداف ليست مقصودة في شخص وزير الداخلية باعتبار أن الطبقة السياسية اليوم لم تعد معروفة لدى المواطن نتيجة كثرة التغييرات، كما أن السلطة لم يعد لها أي مفهوم بالنسبة للمواطنين، وبالتالي فإن الجريمة منظمة ولكنها لا تستهدف شخصيات أمنية وحزبية بعينها إنما تستهدف كل الفئات وكل الأطياف الاجتماعية دون استثناء من المتشرد وصولا إلى من تظهر عليه علامات الرخاء.
الجانب القانوني
يطالب التونسيون بضرورة وضع عقوبة مشددة لمرتكبي عمليات “البراكاج” التي راح ضحيتها العشرات من الأبرياء، وينص الفصل 260 على أنه :” يعاقب بالسجن بقية العمر مرتكب السرقة الواقعة مع توفر الأمور الخمسة الآتية :
أولا: استعمال العنف الشديد أو التهديد بالعنف الشديد لمن وقعت عليه السرقة أو لأقاربه،
ثانيا: استعمال التسور أو جعل منافذ تحت الأرض أو خلع أو استعمال مفاتيح مفتعلة أو كسر الأختام وذلك بمحل مسكون أو بالتلبس بلقب أو بزي موظف عمومي أو بادعاء إذن من السلطة العامة زورا،
ثالثا: وقوعها ليلا،
رابعا: من عدة أفراد،
خامسا: حمل المجرمين أو واحد منهم سلاحا ظاهرا أو خفيا.
و ينص الفصل 264 من المجلة الجزائية على أنه :” يكون العقاب بالسجن لمدة خمسة أعوام وبخطية قدرها مائة وعشرون دينارا بالنسبة لكل أنواع السرقات والاختلاسات الواقعة في غير الصور المبيّنة بالفصول من 260 إلى263 من هذه المجلة.