اختار عدد من الأولياء، مجموعة مغلقة على موقع “فايسبوك” لتبادل التجارب والخبرات والتعبير عن ألمهم وغضبهم أحيانا مما يعانيه أطفالهم الذي يشكون من صعوبات واضطرابات في التعلم.
تقول أرقام غير رسميّة إنّ 10 إلى 12 بالمائة من الأطفال في تونس يعانون صعوبات واضطرابات في التعلّم في حين لم تقم وزارة التربية أو أيّ من مؤسسات الدّولة بدراسات ميدانية للكشف عن العدد الحقيقي لهؤلاء القصر خاصة وأنّ عددهم في تزايد مستمر، حسب ما أفادت به المكلفة بالحالات الخاصة في وزارة التربية، إلهام بربورة.
وكشفت بربورة في تصريح إعلامي سابق أنّ عدد الأطفال الذين يعانون صعوبات واضطرابات في التعلّم في تزايد مستمرّ، ولا بدّ من الاهتمام بهذه الفئة في إطار حقّ كلّ الأطفال في التعلّم مثلما نصّت على ذلك المواثيق الدولية وحتى الوطنية من أجل ضمان التكافؤ في الفرص.

الفرق بين صعوبات واضطرابات التعلّم

يشير مختصّون إلى ضرورة الفصل بين المفهوين، باعتبار أنّه يمكن علاج صعوبات التعلّم، التي تكون ناجمة عن تعرّض الطفل خلال مسيرته الدراسية إلى حادث نفسي أو اجتماعي أو اقتصادي يؤثّر على قدرته على التعلّم بتراجع تركيزه وانتباهه، وهذه الصعوبات التي تكون ظرفيّة يمكن تجاوزها بمساعدة العائلة والمدرسة والأخصائيين النفسيين.

أمّا اضطرابات التعلّم، فسببها عضوي وعصبي بالأساس حيث يولد الطفل بخلل في الدماغ يمكن ملاحظته من خلال التصوير بالرنين المغناطيسي (IRM)، وله علاقة بقدرة الأعصاب على الحركة مما يجعل جزءا من الجهاز العصبي لا يعمل بالطريقة المثلى.

ويشكو الأطفال الذين يعانون من صعوبات التعلّم من أنواع مختلفة تتعلق بعسر القراءة (La dyslexie) إذ لايقدر الطفل على قراءة النصوص أو فهم معنى الكلمات وهي أكثر الاضطرابات انتشارا، إلى جانب عسر الحساب (La dyscalculie) وعسر الكتابة (La dysgraphie) وغيرهم.

كيف يمكن التفطّن إلى وجود اضطرابات في التعلّم؟


تضم المندوبيات الجهوية للتربية في تونس أخصائيا نفسيا وحيد اثنين على أقصى تقدير وهو ما جعل تصنيف هؤلاء الأطفال حسب ما تقتضيه حالتهم النفسية والصحية غائبا، وفي هذا الإطار يقول رئيس الجمعيّة التونسية لاضطرابات التعلّم هشام الشابي لـ”JDD”، إنّ المعلّم قد يتفطن إلى بعض المؤشرات لكن لا يمكنه تشخيص الحالة فذلك يتطلب فريق عمل مكوّن من طبيب نفسي وأخصائي نفسي للأطفال وفي بعض الأحيان أخصائيي نطق وتقويم الأداء الوظيفي وبعد ذلك يقدم هؤلاء توصياتهم إلى المدرّس للتعامل مع الطفل إذا ثبتت إصابته.
وأشار إلى أنه لا توجد أرقام رسمية حول هؤلاء الأطفال باعتبار أنّ الدولة تعتبر كل من له خلل في التواصل أو مشاكل على مستوى النتائج الدراسية، طفلا يعاني من صعوبات التعلم ويتم إيفاده من قبل المدرسة إلى الطبيب النفسي لمندوبية التربية
جدير بالذكر أنه إذا أقرت المندوبية الجهوية للتربية بإصابة تلميذ بصعوبات التعلم فإنه يحق له اجتياز امتحانات خاصة تختلف عن بقية زملائه حيث يتمتع بتوقيت إضافي أو بتكبير ورقة الاختبار وغيرها من الإجراءات وفقا لما تتطلبه الحالة.

غياب الدولة في هذا المجال


أكّد رئيس الجمعيّة التونسية لاضطرابات التعلّم هشام الشابي أنّ عملية التعلم والتحصيل العلمي لهذه الفئة من التلاميذ ممكنة مشيرا إلى أنّ عددا كبيرا منهم تمكنوا من اجتياز الباكالوريا والمناظرات الوطنية بنجاح، شريطة حسن التشخيص منذ البداية ووقوف فريق من المختصين إلى جانب الطفل، مشيرا إلى أنّ المقاربة الطبية وحدها لن تُنجح العملية بل بتضافر المجهود البيداغوجي والنفسي والعائلي.
وشدد على أنّ اضطرابات التعلم لا تعني نقص في الذكاء ففي بعض الاختبارات ثبت أن جزء من هؤلاء التلاميذ يملكون مستوى ذكاء يفوق 80 بالمائة أي المعدلات العادية ذاكرا عالم الفيزياء الألماني آينشتاين الذي كان يعاني عسر القراءة (La dyslexie).
جدير بالذكر أن أوروبا وكندا وعددا من دول العالم أنشأت منذ سنوات طويلة مراكز مختصة لاحتواء هذه الفئة من التلاميذ، في حين كانت تونس تسعى للقيام بهذه التجربة سنة 2016 عندما كان الوزير السابق ناجي جلول على رأس وزارة التربية، لكن هذه التجربة باءت بالفشل.