السبب الأساسي لانعدام المحكمة الدستورية هو سبب سياسي بامتياز حيث أنه لا توجد إرادة جدية من قبل الائتلاف الحكومي والحكومات المتعاقبة أساسا لأنهم هم المستفيدون من الفوضى ومن تأويل الدستور في ظل غياب الجهة المخولة لقراءة وتأويل الدستور  وفق ما صرح به أستاذ القانون الدستوري رابح الخرايفي لـ”JDD”. 

نص دستور 2014 على إحداث محكمة دستورية مهمتها ضمان احترام الدستور من طرف جميع الهياكل العمومية والخاصة، دون أن تكون للسلطة التنفيذية إمكانية استبعاد القرارات الصادرة عنها.

أثارت مؤخرا إشكالية أداء اليمين الدستورية من عدمه، بين رئيس الحكومة ورئيس الجمهورية، تساؤلات حول أهمية المحكمة الدستورية وعن أسباب تأخر إنشائها. 

فما هي تركيبة المحكمة الدستورية؟ وما هي أسباب تأخر إنشائها؟

المحكمة الدستورية هي هيئة قضائية مستقلة ضامنة لعلوية الدستور وحامية للنظام الجمهوري الديمقراطي والحقوق والحريات في نطاق اختصاصها وصلاحياتها، وذلك حسب القانون الأساسي عدد 50 لسنة 2015، المؤرخ في 3 ديسمبر 2015.

ما هي تركيبتها؟

تتكون المحكمة الدستورية من 12 عضوا، ثلاثة أرباعهم من المختصين في القانون، يشترط في عضو المحكمة ألا يكون قد تحمل مسؤولية حزبية مركزية أو جهوية أو محلية أو كان مرشح حزب أو ائتلاف لانتخابات رئاسية أو تشريعية.

يتم تعيين القضاة الدستوريين من قبل ثلاثة أطراف فاعلة حيث يعين كل من رئيس الجمهورية ومجلس نواب الشعب والمجلس الأعلى للقضاء، 4 أعضاء، على أن يكون ثلاثة أرباعهم من المختصين في القانون، ووفق الفصل 118 يمارس قضاة المحكمة الدستورية مهامهم لمدة  تسع سنوات غير قابلة للتجديد، كما يجدد ثلث الأعضاء كل 3 سنوات، وينتخب رئيس للمحكمة من قبل الأعضاء فيما بينهم.

ما هي مهامها؟ 

ستتمتع المحكمة الدستورية الجديدة بجملة من الصلاحيات أهمها:

مراقبة دستورية التعديلات الدستورية من ناحية، والتي تتمثل في التثبت من عدم مساس التعديل الدستوري بالأحكام التي نصت السلطة التأسيسية على عدم قابليتها للتعديل، ومن ناحية أخرى على وجوب احترام طرق وإجراءات التعديل الدستوري كما نص عليها دستور 2014. 

ومن بين مهامها أيضا مراقبة دستورية قانون ما، من خلال النظر في دستورية القوانين وذلك بموجب الدفع من قبل الخصوم في القضايا المنشورة. 

كذلك توزيع الصلاحيات بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة حيث  تختص المحكمة الدستورية بالفصل بين حالات تنازع الاختصاص بين رأسي السلطة التنفيذية. حيث أن هنالك بعض المسائل التي يمكن أن تكون راجعة في جزء منها للمجال الخاص برئيس الجمهورية وفي جزء آخر للمجال الخاص برئيس الحكومة.

كما تتمتع المحكمة الدستورية بصلاحية فريدة من نوعها تتمثل في إعفاء رئيس الجمهورية في حالة الخرق الجسيم للدستور، إضافة إلى معاينة حالة شغور منصب الرئيس.

أسباب تأخر إنشاء المحكمة الدستورية:

ووفق تصريح لـ”JDD” قال أستاذ القانون الدستوري رابح الخرايفي إن هنالك جانبا إجرائيا يتعلق بالفصل 10 من قانون المحكمة الدستورية الذي يقول: “يتم تعيين أعضاء المحكمة الدستورية تباعا من طرف مجلس نواب الشعب والمجلس الأعلى للقضاء ورئيس الجمهورية”، حيث كان من المفروض حذف كلمة تباعا، ليتمكن رئيس الجمهورية والمجلس الأعلى للقضاء من اختيار أعضائهم في المحكمة، ليبقى فقط أعضاء مجلس نواب الشعب، وكان من الممكن حذف الكلمة عبر جلستين فقط في مجلس نواب الشعب لولا استهتار النواب بقيمة هذه المؤسسة في ضمان علوية الدستور وفي حسن تأويله وفض النزاعات.

من جهته أوضح الأستاذ المختص في القانون الدستوري  عبد الرزاق المختار أن هنالك أسبابا وقع تجاوزها منها عدم تركيز المجلس الأعلى للقضاء، فاليوم بعد انتخابه هو قادر على اختيار أعضائه في المحكمة.

جدير بالذكر أن أول انتخابات للمجلس الأعلى للقضاء نظمت في 23 أكتوبر 2016 وهذا المجلس هو هيئة دستورية تونسية ضامنة في نطاق صلاحياتها واستقلالية السلطة القضائية طبق أحكام الدستور والمعاهدات الدولية المصادق عليها.

وبخصوص الأسباب الأخرى أضاف المختار أنها رهينة الإرادة والتوازنات السياسية والعقل السياسي.

وفي تقديره عرف المختار العقل السياسي بأنه “هو ما نسميه بمنطق الغنيمة ومنطق المحاصصة، فكل الأطراف المعنية لا تفكر في العملية الانتخابية في حد ذاتها وإنما تفكر بمنطق أن يكون لها موطئ قدم في المحكمة الدستورية، وأكد أن كافة  الأطراف السياسية اليوم تنادي بالمحكمة الدستورية، لكن نتائج التصويت تكذب الجميع، وهذا يفسر وجود إشكال في العقل السياسي الذي يفكر بمنطق المحاصصة ويعيش بمنطق الفصام”.

وشدد المختار أن الخيار القانوني هو خيار سليم ﻷنه يقوم حول فكرة أن المحكمة الدستورية هي للجميع وليست لأحد من خلال إرساء أغلبية معززة. 

المصادر:

https://bit.ly/3b32Izb

https://bit.ly/3ahyGJa