الأزمة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والصحية الحالية في تونس أنتجت أكثر من 2670 تحركا احتجاجيا في أقل من شهرين.
فقد بلغ عدد الاحتجاجات الجماعية 1183 تحركا احتجاجيا وبنسبة 91.5 بالمائة تحركا عشوائيا للفترة الزمنية بين 1 و23 فيفري الجاري وبلغت أيام الاعتصامات 944 يوما أي بنسبة 79.8% من مجموع الاحتجاجات، حسب المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية.
كما سجل ارتفاعا في عدد التحركات الاحتجاجية خلال شهر جانفي 2021، حيث سجّل 1492 تحركا احتجاجيا، مقابل 1136 تحرّكا خلال نفس الشهر من سنة 2020.
فما هي أسباب هذه الاحتجاجات والاعتصامات المتفاقمة؟ هل تكون الاحتجاجات هي المتنفس الوحيد في ظل هذه الظروف؟
رجّح رئيس المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، عبد الرحمان الهذيلي، أن ارتفاع الاحتجاجات هو نتيجة الوضع الاقتصادي والاجتماعي وأن هذه المؤشرات كانت متوقعة منذ شهر أكتوبر الماضي”.
وأوضح أن هناك معطيات أخرى متسببة في هذه الظاهرة، حيث هناك 100 ألف حالة تسرب مدرسي (انقطاع مدرسي) كل سنة وبالتالي اليوم، بعد الثورة، يوجد مليون شاب منقطع عن الدراسة في 10 سنوات وهذا باعتراف رسمي من وزارة التربية، كذلك الهجرة الغير النظامية ففي سنة 2020 سجلنا حوالي 16 ألف مهاجر إلى إيطاليا.
ويقول الهذيلي لـ “‘JDD”، “الانقطاع المدرسي أغلبه يكون لدى الفئات الاجتماعية الهشة والضعيفة والفقيرة ومن الأحياء الشعبية فالبتالي هؤلاء الشباب هم المحرك الأساسي لهذه التحركات الشبابية المرتفعة أثناء شهر جانفي، زيادة على ذلك الواقع الاقتصادي والاجتماعي المتأزم اليوم في البلاد”.
كما لاحظ أنه بعد 10 سنوات من الثورة، كل هذه الظواهر في تراكم، في ظل خطابات السياسيين واهتماماتهم السياسية وصراعاتهم الفوقية التي هي اليوم في قطيعة تامة مع قضايا الشعب التونسي.
كما فسر أن هؤلاء الشباب أبناء الأحياء الشعبية في قطيعة تامة مع كل من منظمات المجتمع المدني أو من مؤسسات حكومية رسمية وبالتالي كل تحركاتهم واحتجاجاتهم هي نتيجة أوضاعهم الاقتصادية والاجتماعية بالأساس.
هذا ويحتل إقليم الوسط الغربي الصدارة من حيث عدد التحركات الاحتجاجية بـ 544 تحركا يليه الشمال الشرقي بـ 304 احتجاجات ثم الجنوب الغربي بـ 244 تحركا احتجاجيا ورصد المنتدى أنّ أغلب التحركات كانت في شكل اعتصامات.
فقد بلغ عدد أيام الاعتصامات خلال شهر جانفي 901 يوم اعتصام بنسبة 60.4% و11.5% وقفات احتجاجية ونسبة 5.5% عمليات غلق للطرقات.
حظر التجول وراء الاحتجاجات
وتفسيرا لظاهرة الشباب المحتج، يرى الدكتور الأخصائي في الطب النفسي وحيد قوبعة أن طبيعة نمط العيش الجديدة خلال فترة الإغلاق الناجمة عن تفشي وباء كورونا تعد سببا من عدة أسباب لخروج المحتجين.
وأوضح بقوله لـ “JDD”، “إن الشاب يدرس ويعمل ويضع مخططات للنجاح، ثم ينصدم بواقع البلاد الذي يواجه أزمة من الناحية الاقتصادية والسياسية، إضافة إلى الوضع الصحي ومخلفات الحجر الذي فرضته طبيعة عيش جديدة صعبة من حيث التنقل والتجمعات، فهولندا مثلا شهدت احتجاجات عنيفة خلال الأسبوع الفارط ضد حظر التجول”.
ورجّح أن الضغط النفسي جراء فيروس كورونا يزيد من حالات التشنج، على غرار الصعوبات الاقتصادية التي ساهمت في تفاقم الأوضاع.
واعتبر دكتور قوبعة أن الاحتجاج هو وسيلة للتعبير عن الضغط النفسي وخيبة الأمل الحاصلة عن البطالة وتردي الأوضاع الاقتصادية والصحية.
هذا وقد شهدت هولندا احتجاجات ضخمة وأعمال عنف ونهب بسبب رفض المواطنين قيود الحجر الصحي وذلك بعد إقرار حظر تجول ليلي لوقف انتشار فيروس كورونا
واعتبرت هذه الاحتجاجات الأعنف من نوعها في هولندا منذ الحرب العالمية الثانية، حيث سجلت أعمال شغب ومواجهات بين المحتجين والقوى الأمنية وأعمال تخريب طالت متاجر في مدن أمستردام وروتردام ولاهاي الرئيسية فضلا عن مدن أصغر مثل “هارلم” و”اميرسفورت” و”خيلين ودين بوش”.
وقد صرح كوين سيمرز من نقابة الشرطة للتلفزيون الهولندي “بأن هذا القدر الكبير من العنف لم تشهده البلاد منذ 40 عاما.