دخل أعوان وموظفو شركة الخطوط التّونسية بداية من اليوم الجمعة 19 فيفري 2021، في إضراب مفتوح بجميع المطارات، على خلفيّة ما اعتبروه “مصيرا مجهولا للشركة”، وقال الكاتب العام المساعد للنقابة العامّة للخطوط التونسية شهاب بن ساسي لـ”JDD”، إنّ عدّة مؤشرات أصبحت تنبئ بحصول كارثة وشيكة من بينها إعلام شركة “تاف” التركية بإجراء عقلة على كامل الحسابات البنكية لتونيسار بسبب ديون تقدر بحوالي 23 مليون دينار، كما أنّ الشركة تستغل حاليا 4 طائرات فقط بسبب تعطّل أسطولها وعدم قدرتها على خلاص الديون الخاصة بمزودي قطع الغيار (بويينغ و إيرباص).
ألفة الحامدي.. سيرة ذاتية “استثنائية”
منذ توليها رئاسة الخطوط التونسية، أثارت الشابة ألفة الحامدي البالغة من العمر 33 سنة، جدلا حول كفاءتها وقدرتها على إدارة شركة بحجم “تونيسار” ومشاكلها المتراكمة كما تم التشكيك في صحّة المعطيات التي تقدّمها الحامدي في سيرتها الذاتية التي وصفت بـ” الاستثنائية” لكن بالتدقيق في تواريخ حصولها على شهاداتها العلمية، التي مكنتها من قيادة إحدى أكبر وأهم الشركات الوطنية، نكتشف أن هناك تواريخا غير معقولة.
فوفقا للسيرة الذاتية الرسمية التي تقدمها الحامدي، فإنها درست الهندسة الصناعية بين 2009 و2013، بالمدرسة المركزية في ليل بفرنسا، وتحصلت على شهادة ماجستير ثانية في إدارة المشاريع الكبرى من جامعة تكساس بأوستن إضافة إلى شهادة عليا في قانون حل النزاعات الدولية بين الشركات الخاصة والدول من كلية الحقوق بتكساس.
اللافت للانتباه أيضا أنها قالت في حوار لقناة قرطاج + قبل أشهر من تعيينها إنها تحصلت على تأشيرة “إقامة أنشتاين”، EB1 التي تمنح للأشخاص الذين لهم كفاءات استثنائية من ضمن 10 أشخاص حول العالم.
مع العلم أن شهادة EB1 لا تحمل هذا الاسم نسبة لأنشتاين (Einstein) بل Extraordinary Ability أي قدرات غير عادية، كما أنه يوجد ثلاث أنواع A وBو C مع العلم أن أمريكا منحت هذه التأشيرة 3800 مرة سنة 2018 (وليس 10 مرات ).
وقالت الحامدي إنها سافرت للولايات المتحدة لدراسة إدارة المشاريع الكبرى في جامعة تكساس لأنها الأكبر والأكثر شهرة في هذا الاختصاص، في حين أن جامعة تكساس لا تظهر في تصنيف أفضل المؤسسات الجامعية في هذا الاختصاص.
شركة اللوبييغ
كشف موقع Foreign Lobby Report، المتخصص في رصد مجموعات الضغط والتأثير في الخارج بواشنطن يوم 16 فيفري الجاري، عن مركز أبحاث تحت اسم “مركز الدراسات الإستراتيجية حول تونس” (CSST) تم إنشاؤه مؤخرا دون أن يحدد بالتدقيق تاريخ دخوله الخدمة.
تعمل هذه المؤسسة، ومقرها واشنطن، في مجال الأبحاث حول الشرق الأوسط وبشكل أدق في ميدان الدراسات الإستراتيجية بتونس “لتعزيز العلاقات بين الولايات المتحدة وتونس وجعل تونس نموذجا للعديد من الدول التي تسعى إلى بناء مؤسساتها الديمقراطية”.
يجدر بالذكر أن هذا المركز كان دعا أعضاء من الكونغرس للمشاركة في ندوة افتراضية يوم 4 فيفري الجاري لمناقشة التحديات والفرص المتاحة لتطوير العلاقات بين الولايات المتحدة وتونس والدروس المستفادة منذ 2011.
هذا المقال، كشف أنّ الرئيسة المديرة العامة لتونيسار ألفة الحامدي هي رئيسة مركز الدراسات الإستراتيجية حول تونس في واشنطن ومؤسسته بالإضافة إلى إشرافها على العلاقات العامة فيه وأن سجلّات الشركات في الولايات المتحدة تظهر أن الحامدي سجلت المركز في واشنطن في شهر جويلية الماضي إضافة إلى مجموعة أخرى تسمى “مشروع الشراكة الأمريكية التونسية” بعد شهر.
كما أفاد بأن ألفة الحامدي شاركت في تأسيس شركة تسمى Concord Project Technologies في عام 2017، مشيرا إلى أنها تلقت قرضا بقيمة 12.500 دولار كمساعدة لمواجهة تداعيات أزمة فيروس كورونا، مع العلم أنها كانت صرّحت أن هذه الشركة ساهمت في دفع الاقتصاد الأمريكي بنسبة 20 بالمائة بفضل شركتها التي تقدم برامج لإنجاح كبرى الشركات.
و بيّن الموقع الأمريكي أن الحامدي أعلنت عن إطلاق مركز للأبحاث في 28 جانفي 2021 بعد تعيينها في الخطوط التونسية، ملاحظا إلى أن ذلك يشير إلى أنها تنوي الاستمرار في العمل به على الرغم من منصبها الجديد في تونس.
وأثار كاتب المقال عدة تساؤلات بخصوص علاقة المركز الذي تترأسه الشابة التونسية بهيئات ضغط (لوبيينع) في واشنطن تركّز بالأساس على قطاع الطاقة وبشكل أكثر دقة، حول الهدف النهائي لمركز الأبحاث والمستفيدين منه.
فبينما يذكر المركز في موقعه على الإنترنت أن الحامدي أسسته “للمساعدة في تعزيز العلاقة الأمريكية التونسية وضمان مستقبل مشرق لبلدها تونس”، فإن مركز الأبحاث موجود في مكاتب Cornerstone Government Affairs، وهي هيئة ضغط وتأثير ذات حضور قوي في تكساس تضغط على العديد من المتعاملين في مجال الطاقة بالتعاون مع عملاق الفسفاط المغربي “المجمع الشريف للفسفاط”.
وفي الوقت نفسه، فإن أربعة من الخبراء الأمريكيين الخمسة المدرجين على أنهم يقدمون الدعم للمركز البحثي بشأن الاتصالات والسياسة هم من موظفي شركة Cornerstone
ومن بين أعضاء فريق الخبراء التابع لمركز أبحاث ألفة الحامدي، ميشال وايزبرغ، أستاذة الإدارة في جامعة نورث إيسترن في بوسطن التي عينتها الحامدي في مجلس مستشاريها في الخطوط التونسية منذ تقلد منصبها ما يثير العديد من التساؤلات.