مع ما تشهده الساحة السياسية في تونس من تجاذبات ومشاحنات، خاصّة تحت قبة مجلس نواب الشعب الذي عودنا بمهازل، لا تليق بالسلطة التشريعية، خلال الجلسات العامة وحتى في الكواليس، فبعد أحداث العنف اللفظي والجسدي التي طالت نوابا عن التيار الديمقراطي مؤخرا من قبل نواب عن ائتلاف الكرامة، تواصل هذه الأخيرة ممارساتها اللامقبولة في أروقة البرلمان.

وعمد رئيس كتلة ائتلاف الكرامة، سيف الدين مخلوف أمس الإربعاء 27 جانفي 2021، إلى التهجم على رئيسة كتلة الحزب الدستوري الحرّ عبير موسي، وافتكاك هاتفها والاعتداء عليها بالعنف اللفظي، خلال الاعتصام الذي يخوضه نواب الحزب بقاعة العرش بالبرلمان، عندما كانت بصدد تصوير بث مباشر على صفحتها الرسمية على فايسبوك، أمام أنظار الحاضرين.

برلمان أم بؤرة للترويج لخطاب العنف؟

وبهذه الواقعة التي وثّقها نواب الدستوري الحرّ، بفيديو مباشر، يثبت البرلمان مرّة أخرى أنه بؤرة للترويج المشاحنات وبثّ خطاب العنف والفوضى التي تتسرّب من مؤسسات الدولة إلى الشارع التونسي، بدلا من أن يكون قوامه التحضّر السياسي والرقيّ وترويج الصورة الإيجابية للديمقراطية ويكون مكانا مقدّسا تمارس فيه الإرادة الشعبية ويعكس مشاغل التونسيين.

وليست هذه المرة الأولى التي يشهد فيها قصر باردو مثل هذه المناوشات، حيث لا تخلو مختلف الجلسات العامة واجتماعات اللجان من المشاحنات وتبادل للعنف بين النواب، آخرها ماحدث في اجتماع لجنة المرأة من نقاشات حادة بين النائب عن ائتلاف الكرامة محمد العفاس ونواب عن التيار الديمقراطي حول المرأة أثارت جدلا واسعا وتطورت إلى تبادل العنف اللفظي والجسدي، في أروقة البرلمان، مما أدى إلى إصابة النائب أنور بالشاهد، وهو ما أثار حفيظة النواب الذين نددوا بالعنف مهما كان نوعه.

العنف مرفوض

وهذه الحادثة التي أدانتها مختلف الأطراف من أحزاب وجمعيات ومجتمع مدني لخطورتها خاصة وأنها تمثل مؤسسة من مؤسسات الدولة، تخلفت رئاسة البرلمان عن إدانتها حينها ولم تعرها اهتماما، إلا بعد الضغط عليها من قبل نواب التيار الديمقراطي الذين خاضوا اعتصاما تطوّر إلى دخول عدد من النواب في إضراب جوع تم رفعه بعد بيان أصدره رئيس البرلمان راشد الغنوشي لإدانة عنف ائتلاف الكرامة المسلط عليهم.

وأمام تواصل مثل هذه الممارسات داخل البرلمان، أدت إلى التقليل من شأن هذه المؤسسة السيادية وتسميم الشارع التونسي بالكراهية والعنف، أصبح الرقي بالخطاب السياسي والنأي به عن التجاذبات اليوم ضرورة، بعيدا عن خطاب العنف المرفوض مهما كانت الجهة السياسية التي تمارسه أو تتعرض إليه.