في الوقت الذي تتّخذ فيه أغلب حكومات العالم إجراءات غلق جزئي أو كلّي تصديا لجائحة كوفيد-19، قررّت تونس مواصلة الإجراءات المتعلّقة بفرض حظر الجولان الليلي واعتماد نظام الأفواج في العمل.
وفي إجراء غير مفهوم أعلنت وزارة الشؤون الثقافية مساء اليوم السبت 23 جانفي 2021، السماح للفضاءات الثقافية والفنية (قاعات السينما، الفضاءات المسرحية…) بتنظيم أنشطتها الاعتيادية إلى جانب تنظيم الورشات والتمارين وحلقات التكوين في المجالات الثقافية والفنية والأمسيات الشعرية والإقامات الفنية مع مواصلة ممارسة أنشطة الأروقة الفنية (Les galeries d’art) وأنشطة المكتبات.
كما قرّرت استئناف تنظيم الأنشطة التراثية المنجزة داخل المتاحف والمواقع والمعالم التراثية وزيارة المتاحف بتقسيم الزائرين إلى مجموعات محدودة العدد.
تحميل المسؤولية للمواطن
حمّلت النّاطقة الرّسمية باسم وزارة الصحّة الدكتورة نصاف بن عليّة، في ندوة صحفيّة اليوم، مسؤوليّة تدهور المؤشرات الصحيّة وتسجيل عدد مرتفع من الإصابات والوفايات للمواطنين الذين “لم يلتزموا بتطبيق البروتوكولات الصحية”.
وأرجعت بن علية تدهور الوضع الوبائي إلى عدم الالتزام والتقيد بالإجراءات التي تم اتخاذها والبرتوكولات الصحية الموضوعة في كل القطاعات وخاصة تواصل التجمعات والتظاهرات.
وتصرّ بن عليّة ومختلف أعضاء اللجنة العلمية في كل ظهور إعلامي، على تحميل التونسيين مسؤولية انتشار الوباء، رغم أنّ تونس كانت وصلت إلى تسجيل صفر إصابة قبل فتح الحدود في 27 جوان 2020 بتعلّة تنشيط قطاع السياحة ودفع عجلة الإقتصاد في حين أنّ كلّ الأرقام الرّسمية تفيد بوصول بضعة آلاف من السياح خلال الموسم الماضي وتراجع مداخيل القطاع بأكثر من 60 بالمائة.
وفي الوقت الذي يحمّل فيه المشرفون على قطاع الصحة المسؤولية للمواطنين، مازالت تونس تنتظر وصول أوّل شحنة من اللّقاح وسط اتّهامات للوزير فوزي المهدي بالتقصير والإهمال.
كما أنّ إحصايات قدّمتها نقابة التعليم الثانوي في سبتمبر الماضي أكّدت أن وزارة التربية وفّرت بمعدّل 2 ملل فقط من السائل المعقّم لكل تلميذ مما أدّى إلى تسجيل وفايات في صفوف التلاميذ والإطار التربوي.
ومع ذلك تواصل الحكومة الإعلان عن قرارات إعتباطية من قبيل مواصلة الأنشطة الثقافية في وضع وبائي دقيق وخسائر بشرية مفزعة، وهو قرار لم تتخذه دول تمتلك التلاقيح وانطلقت فعلا في حملات التطعيم.
ضبابية
القرار الذي أعلنت وزارة الشؤون الثقافية أضفى مزيدا من الضبابية على المشهد العام في تونس، فقبل ساعات من نشر البلاغ، أكّدت وزارة الصحّة في ندوة صحفية صباح اليوم مواصلة التدابير الوقائية ومن بينها مواصلة منع التجمّات والإحتفالات، كما تمّ نشر ذلك رسميا على صفحة رئاسة الحكومة، ليأتي إعلام وزارة الثقافة بالسماح بعقد التظاهرات الثقافية دون الكشف عن طريقة تنظيمها دون تجمّعات.
ويظهر هذا التضارب في القرارات غياب الإنسجام والرؤية لدى الحكومة في مجابهة فيروس كورونا.