أسال التحوير الوزاري الأخير الكثير من الحبر باعتبار ما تمر به البلاد من ظرف صحّي دقيق إلى جانب التحركات التي عاشت على وقعها مختلف المدن تزامنا مع وضع سياسي مضطرب.
فجاء هذا التحوير الوزاري “معمّقا” على عكس ما كان متوقّعا من سدّ شغورات في وزارات الداخلية والثقافة والبيئة الذين أقالهم المشيشي.
تطورات كبيرة عرفتها الأحداث خلال الأيام الماضية ستكون لها علاقة بنجاح مرور الوزراء الجدد وحصولهم على ثقة البرلمان.

النهضة و”ذراعها”

اعتبر أستاذ التاريخ المعاصر والمحلّل السياسي عبد اللّطيف الحنّاشي، في تصريح لـ”JDD”، اليوم الأحد 17 ديسمبر 2021، أنّ الخلاف الطارئ بين حركة النهضة وكتلة إئتلاف الكرامة التي وصفها بذراع “الحركة”، قد يؤثّر على نتائج التصويت لصالح التعديل الحكومي لتشابك المصالح بين الطرفين.
واستدرك الحناّشي قائلا إنّ الخلاف بينهما لا يبدو استراتيجيا وقد يتغيّر في أي لحظة بتدخلات خاصّة بين الأشخاص لأن العلاقة بين الطرفين متينة مشيرا إلى أنّه رغم البيان شديد اللهجة الصّادر عن كتلة إئتلاف الكرامة فإنّه لم يصدر رد رسمي من النهضة ماعدا بعض المواقف الأحادية من بعض قياداتها التي حاولت التخفيف من حدّة الموقف، وفق تعبيره.

وفي سياق متّصل أكّد الدكتور عبد اللّطيف الحنّاشي أنّ بعض الوزراء المقترحين والذين تربطهم علاقة بحزب قلب تونس ورئيسه نبيل القروي، قد يصعب حصولهم على تزكية البرلمان خاصّة بعد إثارة منظمة “أنا يقظ” لشبهات تتعلّق بهم مشيرا أنّ ذلك قد يحدث شرخا في الحزام السياسي.
وتابع أن المواقف داخل الحزب نفسه من التحوير كانت متباينة حيث هناك موقفان مختلفان منه عبّر عنهما كلّ من أسامة الخليفي الذي أبدى موافقة على التركيبة الجديدة فيما عبّر عياض اللومي عن موقف مغاير. ورجّح أن هذا الإختلاف داخل قلب تونس مردّه طبيعة العلاقة بقضية نبيل القروي، وفق قوله.
وفسّر أن كل هذه الخلافات ستعمّق المسافة بين رئيس الحكومة هشام المشيشي و”وسادته” السياسية مشيرا إلى أن توتّر العلاقة مع إئتلاف الكرامة ليست سوى بداية التصدّع.

هوّة بين القصرين

أوضح المحلّل السياسي عبد اللطيف الحناشي، أنّ هذا التحوير والذي أزاح كلّ رجال قيس سعيّد من الحكومة سيزيد من الهوّة بين قصري قرطاج والقصبة، فالمشيشي قطع كل السّبل مع رئاسة الجمهورية بتخلّيه عن وزاراء سعيّد.
وتابع أنّ الإشكال أبعد من ذلك ،باعتبار أنّ تغيير الوزراء يبقى من صلاحيات رئيس الحكومة دستوريا، لكن “مايطرح عديد التساؤلات هو مدى تجانس هذه التركيبة وتطبيقها للبرنامج الحكومي الذي أعلن عنه المشيشي في جلسة حصوله على الثقة خاصة مع مبادرة الإتحاد العام التونسي للشغل والتي ستكون في علاقة بالأوضاع الاقتصادية والإجتماعية والصحيّة فهل سيعدّل المشيشي من برنامجه وفقا لمخرجات الحوار أم سيواصلان في مسارين مختلفين؟”
وصرّح أن بعض الشخصيات المقترحة لها قيمة وتجربة في الإدارة لكن لا يحكمها التجانس ولا توجد أمامها أرضية عمل واضحة، في ظلّ احتقان إجتماعي وتحركات شعبية تعبّر عن عجز النخبة الحاكمة وفق قوله.

غياب العنصر النسائي

وانتقد المحلّل السياسي عبد اللطيف الحناشي التركيبة الذكورية لحكومة المشيشي بصيغتها الجديدة معتبرا أنّه منذ 2011 عملت كل الحكومات على تشريك المرأة في صناعة القرار بنسب متفاوتة حتى وإن كانت ضئيلة لكنها كانت مفخرة للتونسيين.
وأضاف أنّه علاوة على تسميته 11 وزيرا جديدا من جنس الذكور ، قام بحذف بوزارة العلاقة مع الهيئات الدستورية والتي كانت على رأسها ثريا الجريبي، إحدى النساء القليلات ضمن الفريق الحكومي.