رغم ماقيل حول المكانة التي تحظى بها المرأة التونسية وماتتمتع به من حقوق عامة وخاصة، فإنها لم تتوقف عن الدفع من أجل الحصول على المساواة التامة والفعلية معتبرة أن القانون مازال يخبئ في طياته الكثير من أوجه التمييز الجندري.

الحقوق السياسية


لئن نص الدستور في فصله الـ21 على أنّ “المواطنون والمواطنات متساوون في الحقوق والواجبات، وهم سواء أمام القانون من غير تمييز” فإن أحكام بعض القوانين مازالت في قطيعة مع الدستور، فقد أسفرت نتائج الانتحابات التشريعية سنة 2011 على صعود 63 إمرأة فقط من ضمن 217 نائبا رغم أن هيئة حماية أهداف الثورة والانتقال الديمقراطي والإصلاح السياسي كانت أقرت مبدأ التناصف والتداول بين النساء والرجال في جميع القائمات الانتخابية لكن هذا رئاسة القائمات الانتخابية لم تكن معنية بهذه المبادئ حتى تشغل النساء نصف المقاعد.

وفي انتخابات 2014 بلغت نسبة النّساء المسجلات في الانتخابات أكثر من 50 بالمئة، فيما بلغ عدد المترشحات حوالي 47 بالمئة، 12 فقط منهن ترأسن قائمات انتخابية، كما شاركت تونسية واحدة فقطمن ضمن 26 مترشحا للانتخابات الرئاسية.
لم تبلغ التونسيات إلى اليوم المناصب القيادية ومراكز القرار سواء على رأس الحكومة أو وزارات السيادة أو رئاسة البرلمان أو رئاسة الجمهورية فحضورها كان محتشما وقد يكون منعدما في تشكيل الحكومات المتعاقبة على تونس بعد الانتخابات، فحكومة “الترويكا” التي تشكلت من 48 عضوا أسندت فقط 3 مناصب وزارية لنساء، وكذلك بالنسبة لحكومة مهدي جمعة التي أسندت بدورها 3 مناصب فقط للعنصر النسائي.

الحقوق الإجتماعية والإقتصادية

صادق مجلس نواب الشعب في جويلية 2017 على قانون وُصف بـ”المفصلي“، يتعلق بالقضاء على العنف ضد المرأة مع الإشارة إلى أن مسحا وطنيا أعده الديوان الوطني للأسرة والعمران البشري سنة 2010 أظهر أن نصف التونسيات (47 بالمائة) تعرضن للعنف الجسدي أو الجنسي أو النفسي.
وبعد سنوات من إقرار هذا القانون، مازال يواجه انتقادات النسويات وناشطات المجتمع المدني بإعتبار أنه يتضمن فصولا تتعلق بالتوعية والتثقيف إلى جانب الجوانب الزجرية للمعتدين، في حين أنه لم يتم إتخاذ أي خطوة في إتجاه إرساء ثقافة مجتمعية تكرّس تجريم تعنيف النساء وذلك لاعتبارات إقتصادية ومالية بالأساس.
ومازالت مجلة الأحوار الشخصية التي تعتبر رائدة في مجال حقوق المرأة عربيا، تحتوي على فصول مثيرة للجدل وفتحت أبواب النقاش على مصراعيه خلال السنوات الماضية، فمازال هذا القانون ينصّ على تعيين الرجل رئيسا للعائلة ويقر مبادئ الشريعة الإسلامية في تقسيم الميراث بين الإناث والذكور.

من جهة أخرى، أظهرت دراسة قام بها المعهد العربي لرؤساء المؤسسات أن التونسية تتقاضى أجراً يقل عن أجر الرجل بمعدل 14.6 بالمائة ما يعني أنها مطالبة بالعمل 37 يوماً إضافياً في العام لتحصل على أجر سنوي مساوٍ لأجر الرجل. كما أبرزت الدراسة، أن المرأة التونسية مطالبة بالانتظار شهرين حتى تصل إلى مستوى أجر الرجل في عام 2016.
وفي السياق ذاته، بلغت نسبة النساء العاملات في المدينة 25.8 بالمائة، في حين تصل نسبة الريفيات العاملات في القطاع الفلاحي إلى 64 بالمائة، حسب أرقام الإتحاد العام التونسي للشغل.
ورغم أن أغلب العاملين في القطاع الفلاحي من النساء غير أنهن يتقاضين نصف أجور الرجال دون تغظية إجتماعية أو صحية كما أنهن عرضة لحوادث طريق قاتلة بسبب نقلهم إلى الحقول في الصندوق الخلفي للشاحنات.