تشهد عدة جهات في تونس إضرابات واحتجاجات في الأيام الأخيرة، تنظمها تنسيقيات محلية من المواطنين الذين يطالبون بحقهم في التنمية مثل ما حصل مع تنسيقية الكامور في تطاوين، التي قامت منذ أشهر بغلق منصة ضخ البترول وفرضت على الحكومة أن تتفاوض معها مباشرة وتمضي معها اتفاقا تنمويا يخص الجهة.
وتحاول عدة تنسيقيات في الجهات استنساخ تجربة الكامور وسط مخاوف من ارتفاع حدة الإضرابات وتداعياتها على الاستقرار الأمني والاجتماعي، وخصوصا الاقتصادي بسبب غلق مناطق الإنتاج.
التوجه لكل مناطق الإنتاج قصد إغلاقها على شاكلة أحداث الكامور
وشهدت شركة فوسفاط قفصة حالة شلل تام وتوقف العمل بجميع المقاطع والمغاسل والإدارات التابعة للشركة، وذلك بسبب الاحتجاجات التي تعيشها مدن الحوض المنجمي إثر صدور قرارات المجلس الوزاري الخاص بالجهة والتي اعتبرها المحتجون غير كافية ولا تلبي مطالبهم.
وشهدت معتمدية أم العرائس احتجاجات ليلية، حيث عمد عدد من الشبان إلى إشعال العجلات المطاطية وسط المدينة، كما تم خلع مقر القباضة المالية وسرقة محتوياتها،كما أغلق بعض الشباب في قابس شركة توزيع قوارير الغاز لمدن الجنوب.
وتوجه عدد من شباب معتمدية السبيخة من ولاية القيروان إلى محطة ضخ الغاز القادم من الجزائر، وقاموا بالاعتصام أمام مقر الإدارة مطالبين بالتشغيل والتنمية، كذلك أغلق شباب معتمدية العيون من ولاية القصرين حقل الدولاب واعتصموا أمامه ليتستأنف نشاطه فيما بعد مع تواصل الإعتصام.
وأعلن ببنزرت عن تكوين تنسيقية جهوية للمنظمات الوطنية هدفها الدفاع عن حق بنزرت في تنمية مستدامة وشاملة، في إطار وحدة الدولة ومدنيتها لتحقيق العدالة الاجتماعية بين جميع الفئات.
وأمام توسع هذه التنسيقيات، احتدم الجدل حول خلفياتها السياسية وحول التعاطي الإعلامي والسياسي الحكومي الذي أوحى بعد اتفاق الكامور للشباب المحتج بشرعية غلق مواقع الإنتاج من أجل تحقيق نفس المكاسب.
الدولة لن تتحاور مع التنسيقيات
ولكن رئيس ديوان رئيس الحكومة، المعز لدين الله المقدم، أوضح أن مقاربة الحكومة تتركز بالأساس على اعتماد الحوار كخيار استراتيجي للتوصل إلى حلول تنموية واجتماعية بكل الجهات، مفيداً بأنه سيتم نشر جدول زمني محدد لكل ولاية الأسبوع القادم.
وفي تصريح لإذاعة موزاييك، أعلن المقدم أن كل المجالس الوزارية والجهوية خصصت لصالح التنمية والاستجابة للمطالب، كاشفا أن الاحتجاجات التي تشهدها مختلف مناطق البلاد ليست كلها تلقائية، مشددا على أن هناك دفعا نحو الفوضى والعدمية وفق تعبيره.
وقال المقدم في هذا السياق، إن ما يحدث اليوم من احتجاجات ليس بالأمر الجديد على تونس، وإن هذا المشهد يتكرر مع تجدد الحكومات، مضيفا أن بقاء الحكومة أو عدمه ليست له قيمة مقابل إنقاذ الدولة.
واعتبر المقدم أن الدولة وصلت اليوم إلى نقطة صعبة وخطرة، مؤكدا أن الحكومة ستعمل على الحيلولة دون انهيار الدولة.
https://www.facebook.com/watch/live/?v=1323963367966498&ref=watch_permalink
من جهة أخرى إعتبر المستشار لدى رئيس الحكومة المكلف بالشؤون الإجتماعية سليم التيساوي، أن ظهور التنسيقيات عاد بالبلاد إلى الخلف وإلى العصور القديمة، داعيا كافة الأطراف من هيئات ومنظمات وطنية وأحزاب إلى إعادة النظر في أولويات المرحلة وأسلوبها في التعامل مع الواقع.
وأشار التيساوي في تصريح لشمس اف ام، إلى أن غياب العمل على إعادة الهيكلة على المستوى الإقتصادي والسياسي سيؤدي لنفس النتائج ونفس المظاهر منها ظهور التنسيقيات، مشددا على أنهم لن يكونوا طرفا في تفكيك نسيج البلاد ولن يتم الحوار مع التنسيقيات، مؤكدا أن الحوار سيكون مع مؤسسات ومنظمات لديها تمثيليات واضحة.
ونقلت رئاسة الجمهورية، في بلاغ صادر عنها نشرته بصفحتها الرسمية فايسبوك، تأكيد الرئيس قيس سعيد في ظل بعض التحركات الاحتجاجية بعدد من الجهات، على توفير المواد الضرورية للتونسيين والتونسيات في مختلف مناطق الجمهورية.
ومن جهة أخرى شدد رئيس الجمهورية على ضرورة تكاتف الجهود من أجل تجاوز الصعوبات المالية التي تمر بها البلاد، بعيدا عن الانقسامات، داعيا إلى وضع مصلحة الوطن والمواطنين فوق كل الاعتبارات