تُمكن برامج التأهيل وإدماج المساجين الذين دفعوا أعواما من حريتهم وراء القضبان ثمنا لأخطائهم، من العودة إلى الحياة العملية من جديد وتدارك أخطاء الماضي، من خلال توفير التكوين والعمل الهادف المتطابق مع قدراتهم، مما من شأنه أن يخلق قيما جديدة تستجيب للضوابط والمعايير الاجتماعية، لكن ما مدى نجاعة هذه البرامج وهل أثبتت نجاحها خلال السنوات الماضية؟

الدعم المالي داخل السجون

في ذات السياق أكدت رئيسة الجمعية التونسية لتأهيل المساجين ومتابعة أوضاع السجون، مريم الدلاجي، في تصريح لـ”JDD”، الإثنين 5 أفريل 2021، ضرورة تنقيح المنظومة القانونية والتشريعية لتتماشى مع عملية إدماج الشباب وتأطيرهم داخل السجون، مشيرة إلى عدم وجود إرادة سياسية لذلك، على حد قولها.

وأوضحت مريم الدلاجي أنه لم يقع تخصيص ميزانية لهذه الفئة المهمشة داخل السجن أو خارجه، بهدف توفير الدعم المادي والمعنوي (الصحة والتعليم )، مؤكدة ضرورة استغلال ضرائب الشعب في هذا الغرض، وفق تعبيرها.

وفي سياق متصل دعت الدلاجي إلى تأهيل أعوان السجنون وتأطيرهم ليتمكنوا من تكوين السُّجناء والتعامل معهم بطريقة إنسانية وجيدة، تمكنهم من التعلم والتكوين وكسب الخبرات في ظروف ملائمة لوضعياتهم.

اقتراحات تحكمها ظروف صعبة

وفي ذات الإطار، أفادت مريم الدلاجي أن الجمعية التونسية لتأهيل المساجين ومتابعة أوضاع السجون، تقدمت لدى سلطة الإشراف باقتراحات في ما يتعلق بعملية الإدماج داخل السُّجون إلا أن هذه الاقتراحات حكمتها ظروف صعبة بسبب عدم الاستقرار السياسي، وفق تعبيرها.

وبينت الدَّلاجي أن تأزم الوضع السياسي وعدم استقراره داخل البلاد حال دون تطبيق هذه البرامج التي من شأنها أن تنهض بالسجين على المستوى النفسي والاجتماعي، مشيرة إلى أن الجمعية قامت بتأطير عدد من المساجين الذين تم الإفراج عنهم نفسيا إلى جانب محاولة توفير مواطن شغل لهم والاتصال بالولاية بهدف تقديم رخصة أكشاك للبعض منهم، على حد قولها.

لكن مسألة تطبيق هذه الإصلاحات تبقى تراوح مكانها في أغلب الأحيان لأسباب متعددة منها مدى جدية هذه الإجراءات.

تنفيذ استراتيجية وطنية للقضاء على التهميش

في المقابل أفادت الجمعية الحقوقية للتنمية الاجتماعية بزغوان بأنها تلقت تمويلا عموميا من وزارة الشؤون الاجتماعية بقيمة 220 ألف دينار كتمويلات لإحداث مشاريع في إطار برنامج الإدماج الاقتصادي والاجتماعي للفئات الهشة.

ويأتي هذا التمويل في إطار اتفاقية تهدف إلى تشريك جمعيات المجتمع المدني في تنفيذ الاستراتيجية الوطنية للقضاء على الفقر والتهميش وتتضمن هذه الاستراتيجية عدة برامج من بينها البرنامج الاقتصادي والاجتماعي للفئات الهشَّة.

وأكد عضو الهيئة المديرة للرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان، فتحي تيتاي، في تصريح لـ”JDD”، أن حوالي 99 بالمئة من العائدين من سوريا والمتورطين في الإرهاب في حالة إيقاف في سجن المرناقية وهم في جناح خاص مع السجناء المتهمين بغسل الأموال وليس مع بقية السجناء، مشيرا إلى أن الرابطة تتدخل في حالة إشعارها بتعرضهم للتعذيب داخل السجون.

وأفاد فتحي تيتاي، أن الرابطة قامت سنة 2012، بتكوين فريق وطني، لزيارة السجون التونسية التي بلغ عددها 27 سجنا لمعاينة الأوضاع داخلها ورصد الانتهاكات إلى جانب قيامها بدورات تدريبية لإطارات وزارة العدل، كما قامت سنة 2014 بدورات تكوينية للأطباء المهتمين بصحة السجناء، مضيفا أن الرابطة قامت بشراكة مع المعهد الدينماركي لمناهضة التعذيب سنة 2012.

وطالب عضو الهيئة المديرة للرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان بضرورة النهوض بمراكز الإصلاح التي بلغ عددها 6 مراكز وإدماج السجناء القصر وتكوينهم وتعليمهم، مشيرا إلى أن هذه المراكز باتت مهمشة، وفق تعبيره.

ما بعد الخروج من السجن

وفي ذات السياق دعا فتحي تيتاي، إلى ضرورة تكاتف الجهود بين كل من الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان ووزارات العدل والشؤون الاجتماعية والمرأة والأسرة وكبار السن لمرافقة ومتابعة السجناء بعد خروجهم من السجن قصد تحسين ظروفهم الاجتماعية وضمان عدم اقترافهم لمثل هذه الأخطاء، وفق قوله.

يبقى الجدل الكبير في مدى استفادة السجناء من الدورات التكوينية والتعليمية التي تساهم بالنهوض بهم أخلاقيا واجتماعيا وضمان عدم تكرار أخطائهم حيث من واجب وزارة العدل متابعتهم ومراقبتهم حتى بعد خروجهم من السجن.