استقبل رئيس الجمهورية قيس سعيد، مساء الخميس 30 سبتمبر 2021 بقصر قرطاج، نجيب القطاري، رئيس محكمة المحاسبات، الذي قدّم لرئيس الدولة تقريرا حول الرقابة على التصرف الإداري والمالي للهيئة العليا المستقلة للانتخابات.
وداعا سعيّد، القضاء إلى تحمل مسؤولياته كاملة في هذه اللحظة التاريخية التي تمر بها تونس ومحاسبة المتورطين في قضايا فساد حتى يستعيد الشعب التونسي حقّه وتتخلص الدولة التونسية من الأدران التي علقت بها في العقود الفارطة، وفق بلاغ لرئاسية الجمهوريّة.

آلية قانونية لحل البرلمان؟

عملية الرقابة التي أجرتها محكمة المحاسبات خلال الانتخابات التشريعية والرئاسية لسنة 2019، أظهرت “جملة من الإخلالات الخطيرة” التي ارتكبها المرشحون، مما أثار حينها نقاشا سياسيا وقانونيا إذ طالبت أحزاب سياسية بتدخّل القضاء ومحاسبة مرتكبي الجرائم الانتخابيّة.


وجاء لقاء رئيس الجمهورية برئيس محكمة المحاسبات، ساعات بعد دعوة عدد من النواب إلى استئناف أشغال المجلس التشريعي بعد انتهاء العطلة البرلمانية بتاريخ اليوم 1 أكتوبر، مع الإشارة إلى أنّ المرسوم 117 الذي أصدره سعيد يوم 22 سبتمبر الماضي، نصّ على مواصلة تجميد اختصاصات البرلمان دون حلّه نهائيا بوضوح النّص في حين أصبح الرئيس بمقتضاه محلّ السلطة التشريعية عبر إصدار المراسيم.



وبالعودة إلى تقرير دائرة المحاسبات، فإنّ تفعيل توصياته قد يؤدّي إلى حل البرلمان إذ يحجّر الفصل 19 من المرسوم عدد 87 لسنة 2011 المتعلّق بتنظيم الأحزاب السياسية، “قبول تمويل مباشر أو غير مباشر نقدي أو عيني صادر عن أية جهة أجنبية. تمويل مباشر أو غير مباشر مجهول المصدر. المساعدات والتبرعات والهبات الصادرة عن الذوات المعنوية، خاصة كانت أو عمومية باستثناء التمويل المحمول على ميزانية الدولة. تبرعات وهبات ووصايا صادرة عن أشخاص طبيعيين تتجاوز قيمتها السنوية ستين ألف (60.000) دينار بالنسبة إلى كل مانح”.

المرسوم ذاته، يعاقب الأحزاب التي تخالف الفصول المتعلقة بالتمويل بغرامات مالية تساوي قيمة الأموال الحاصل عليها وقد تصل إلى السجن وتعليق نشاط الحزب أو حلّه إذا ثبت تماديه في ارتكاب الجريمة ذاتها.

من جهة أخرى، جرّم القانون الانتخابي التمويل الأجنبي، إذ نص الفصل 163 منه، على أنّه ” إذا ثبت لمحكمة المحاسبات أن المترشح أو القائمة قد تحصلت على تمويل أجنبي لحملتها الانتخابية فإنّها تحكم بإلزامها بدفع خطية مالية تتراوح بين عشرة أضعاف وخمسين ضعفاً لمقدار قيمة التمويل الأجنبي.
ويفقد أعضاء القائمة المتمتّعة بالتمويل الأجنبي عضويتهم بمجلس نواب الشعب ويعاقب المترشح لرئاسة الجمهورية المتمتّع بالتمويل الأجنبي بالسجن لمدة خمس سنوات”.

قضايا منشورة

في 14 جويلية الماضي، أيّام قبل تفعيل رئيس الجمهورية الفصل 80 من الدستور، فتحت النيابة العمومية بالمحكمة الابتدائية بتونس تحقيقا مع 3 أحزاب، النهضة وقلب تونس وعيش تونسي، للاشتباه في تلقيهم أموالا أجنبية خلال الحملة الانتخابية لعام 2019.

النيابة العمومية، وبعد إجرائها لمختلف التحريات وعمليات التقصي الأولي، أذنت أيضا في أوت الماضي لوحدة أمنية مختصة بمباشرة الأبحاث اللازمة بخصوص ما ورد بموقع وزارة العدل الأمريكية حول وثيقة عقد ” لوبيينغ” منسوبة إلى حركة النهضة، وتهدف للدعاية ضد قرارات رئيس الجمهورية الاستثنائية التي أصدرها يوم 25 جويلية الماضي.

وفي سياق متّصل، صرّحت القاضية بمحكمة المحاسبات فضيلة القرقوري، أنه تم إصدار 300 حكم ابتدائي في قائمات فائزة وغير فائزة في انتخابات 2019، مشيرة إلى أن إسقاط القائمات لا يشمل إلا الفائزة منها.
وفسّرت أنّ قرار الإسقاط يكون أوّلا بعد إثبات انتفاع الحزب فعليا بالتمويلات الأجنبية، ثم إثبات انتفاع القائمات الفائزة بالتمويلات عن طريق الحزب.