استقبل رئيس الجمهورية قيس سعيّد، مساء أمس الاثنين 26 جويلية 2021 بقصر قرطاج، يوسف بوزاخر، رئيس المجلس الأعلى للقضاء، وأقر رئيس الجمهورية خلال اللقاء أنه لا يمكن أن نحقق مطالب التونسيين إلا بقضاء عادل، وأكد أنه لا يمكن تطهير البلاد إلا بتطهير القضاء.
عدم تحرّك النيابة العمومية
وأشار رئيس الجمهورية أنه “على القضاء أن يلعب دوره كاملا ويكون دوره عادلا، لا يظلم أحدا ولكن لا يبقى أحدا كان قد أجرم في حق الدولة خارج الملاحقة الجزائية، وتابع، لا يمكن أن تبقى القضايا في المحاكم داخل الرفوف لمدة سنوات نتيجة لوجود عدد من الأطراف التي تسللت إلى القضاء كالسرطان، حسب قولة. ”
وأضاف قيس سعيد:” الفقير يتم الحكم عليه في يوم أو يومين أما من نهب ثروات البلاد وأراد تحطيم الدولة فيبقى حُرّا ويتآمرون على الدولة التونسية حتى من الخارج والنيابة العمومية لا تتحرك، إذ كان من المفروض أن تتحرك النيابة العمومية بمجرد علمها وذلك بناء على القانون، واستكمل حديثه” النيابة العمومية لا تتحرك إلا على فقير قام بسرقة أشياء بسيطة ” كهاتف جوال ..” حينئذ يُقاضى، ويقاضى في أسرع الأوقات ، أما الذين نهبوا المليارات، فيجتمعون كل يوم للتسلّل للقضاء.
وفي هذا الإطار صرّح القاضي عزالدين حمدان لـ jdd tunisie أن النيابة العمومية في عديد من المرات تتواطأ مع الفاسدين والمذنبين، في عديد قضايا فساد وتهريب أموال، تكون مارقة على أساس ” مخالفات ديوانية” ولعل أبرز مثال على ذلك قضية تهريب أموال القاضية التي اتُّهمت بتهريب نصف مليون يورو، والتي أثارت عاصفة من الجدل السياسي غير أن النيابة العمومية لم تتحرك بموجب قانوني، وتابع حمدان أن حقائق عديدة نُدركها على النيابة العمومية ، وهي أن تحرك القضايا من تلقاء نفسها مادمنا نتجذر في دولة القانون، لكن لازلنا دون المأمول في عديد الملفات”.
” معظلة خطيرة تصيب جسم القانون “
وأكد عز الدين حمدان لـ jdd tunisie أن السلطة القضائية تحت الضغوطات منذ السابق، وتتعلق هذه الضغوطات بعديد القضايا منها رسالة الطيب راشد إلى وزارة العدل والتي تضمنت اتهامات خطيرة لوكيل الجمهورية السابق البشير العكرمي بتورطه في التلاعب بملفات تدين أشخاصا قريبين من حركة النهضة ومتورطين في ملف اغتيال الشهيدين شكري بلعيد ومحمد البراهمي، وأضاف أنه على الرغم من خطورة ما ورد في الاتهامات المتبادلة بين الطيب راشد الرئيس الأول لمحكمة التعقيب وبشير العكرمي وكيل الجمهورية بتونس سابقا، إلا أن الصمت كان سيد الموقف.
وتابع حمدان أن المواطن إذا لم يجد عزاءه في القضاء فهي معظلة خطيرة تصيب جسم القانون، وفي هذا السياق من الواجب إعادة بناء أخلاقيات العمل القضائي على أساس هام وهو إعلاء القانون، وأضاف القاضي عزالدين حمدان ” العيب فينا.. أحنا القضاة.. لتسلل شظايا الفساد في سلك القضاء”.
” سعيد يفتك بالسلطة القضائية ويستكمل الانقلاب..”
وخلال لقاء قيس سعيّد، بيوسف بوزاخر، رئيس المجلس الأعلى للقضاء، توجه رئيس الجمهورية بقوله” تعلمون جيّدا كيف يتم تأخير عديد من القضايا، وإن كانت قضايا بسيطة لمدة 10 سنوات، كيف يتم الاستحواذ على بعض الملفات، وكيف يتم عدم تمكين البعض من الجلوس للقضاء حتى يُقال إن النصاب لم يتوفر للنظر في القضية.
وفي هذا السياق صرّح القاضي عفيف الجعايدي لـ jdd tunisie أن خطاب رئيس الجمهورية يوحي بوجود مخطط واضح لحل المجلس الأعلى للقضاء، وأضاف” خطاب قيس سعيد موجهه للمحاكم والقضاة، وربما سيكون هذا الفصل هو افتكاكا للسلطة القضائية واستكمالا للانقلاب الذي قام به، مشددا أن القضاء مستقل وعلينا تركه يعمل حسب القوانين”.
يٌذكر أن القاضي عفيف الجعايدي كان قد نشر تدوينة يوم أمس الاثنين على صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي فايسبوك ” ترذيل القضاء العدلي وتهديد القضاة بالتطهير.. طلبا لفتح السجون لتصفيات ومحاكمات أخطر فصل من فصول الحكاية ومنعرج خطير من منعرجات الاستحواذ”.
انتهاكات تطال السلطة القضائية
وتابع الجعايدي أن وضع المحامين والقضاة تحت طائلة الاستشارة قبل السماح بالمغادرة ومنع عدد منهم من السفر أو تعطيل سفرهم دون أذون قضائية، ودون الرجوع إلى المجلس الأعلى للقضاء أو لهياكل مهنة المحاماة، في ذلك مساس بالسلطة القضائية وبمفهوم حصانة المحامين والقضاة أثناء مباشرتهم لأعمالهم، ومسّ من استقلالية المحاماة والقضاء.
كذلك محاكمة عدد من المحامين أمام القضاء العسكري في مخالفة واضحة للفصل 110 من الدستور وللاتفاقيات الدولية والمرسوم المنظم لمهنة المحاماة، وملاحقة عدد من المحامين من طرف بعض النقابات الأمنية وترويع أهاليهم.