يعتبر ملك الدولة العقاري الخاص غير الفلاحي ذا أهميّة بالغة على اعتباره يمثل رصيد ومدّخرات توضع على ذمة الهياكل العمومية لاستغلالها أو لإنجاز مشاريع عمومية. وتعتبر المباني والمساكن الإدارية والأراضي البيضاء والمقاطع من أهمّ مكوّنات ملك الدولة العقاري الخاص غير الفلاحي وتتصرف فيها الدولة بالتفويت أو الكراء أو التخصيص لفائدة مختلف المصالح العمومية وفق حاجتها. وتعنى وزارة أملاك الدولة والشؤون العقارية بحماية هذه الأملاك من كل اعتداء واستغلال غير شرعي.

غياب حماية أملاك الدولة

اعتبر التقرير السنوي عدد 32 لمحكمة المحاسبات عدم كفاية الحماية المادية والقانونية التي تؤمنها الوزارة لملك الدولة الخاص باعتبار عدم حصرها لعقاراتها بصفة شاملة ودقيقة وبطء نسق أعمال تطهيرها التي يمكن أن تستغرق ما لا يقل عن 112 سنة.
ورغم مرور ما يفوق 18 سنة على إحداث أغلب لجان الاستقصاء والتحديد فإنّه لم تتولّ أي لجنة استكمال كلّ أعمالها إلى حدود شهر ديسمبر 2019.
كما استفادت جهات خاصة بعقارات تمّ إخراجها من ملك الدولة العام وإدماجها بملك الدولة الخاص رغم أنها كانت تستغلها بمقتضى عقود لزمات. ولم تتولى الوزارة استرجاع العقارات رغم عدم إنجاز المستثمرين المشاريع في الآجال المحددة بعقود التفويت.

سوء التصرّف واعتماد معاليم كراء زهيدة

سجل ذات التقرير تولّي الوزارة كراء عقارات بالمراكنة وكذلك تسوية وضعيات شاغلي عقارات عن سوء نية خلافا لقواعد حسن التصرف ومبدأ إعمال المنافسة ولم تتولّ الوزارة تحيين معينات كراء المحلات السكنية والتجارية واعتمدت معاليم كراء زهيدة مقارنة بالقيمة الكرائية الحقيقية للعقارات.
وأثّرت كلّ من محدوديّة التنسيق بين الوزارة وبين المصالح المعنية بوزارة المالية وضعف مراقبة الاستخلاص وعدم توفّر معطيات محيّنة حول عقود الكراء سارية المفعول على صحة المبالغ المثقلة وتسبّبت في محدودية المبالغ المستخلصة.
وسجّل التقرير تقصير الوزارة في متابعة وضعية العقارات المسوغة وصيانتها، وهو ما حال دون التفطن في الإبان إلى الاعتداءات التي شملتها كما لا تقوم الوزارة بالتثبت من مدى استغلال العقارات المخصّصة من عدمه إلاّ بمناسبة النظر في العرائض الواردة عليها ووصلت فترة عدم استغلال هذه العقارات المخصصة إلى حدود 20 سنة.
ولم تتمكّن الوحدة المكلفة بتسوية الوضعية العقارية للتجمعات السكنية القديمة المقامة على ملك الدولة الخاص إلى موفّى ديسمبر 2019 من ضبط القائمات النهائية للمعنيين بالتسوية.
كما أكدت محكمة المحاسبات على ضرورة الإسراع في ضبط إجراءات موحّدة وموثّقة خاصة بكراء ملك الدولة الخاص وفي تسوية الوضعية التعاقدية مع المتسوغين وفي تعديل معيّنات الكراء بصفة دورية ومتابعة استخلاصها علاوة على ضرورة إيلاء متابعة استغلال العقارات المسوغة بالإضافة إلى الترفيع في نسق عمليات تفويت ملك الدولة الخاص لتحقيق مداخيل إضافية للدولة.
وأضاف التقرير أن الوزارة لم تحرص على طلب نسخ من محاضر معاينات المساكن التي تضبط مكوّناتها والمرافق المتوفّرة بها والالتزامات المحمولة على المنتفعين بها. وفي المقابل لم تتولّ 90 % من الوزارات تمكينها من نسخ من تلك المحاضر خلافا لدليل الإجراءات الخاص بإشغال المساكن الإدارية.

تقتضي حماية ملك الدولة ضرورة توفّر معطيات محيّنة وشاملة حول وضعيته المادية وهو ما يستوجب مزيد تنسيق الوزارة المكلّفة بأملاك الدولة مع الوزارات المعنيّة ويعتبر التسجيل العقاري الآلية القانونيّة الأنجع لحماية واستقرار الملكية.