تتصاعد بشكل ملحوظ مخاوف المنظمات والجمعيات الحقوقية على مكاسب الحريّة وحقوق الإنسان على خلفيّة إيقاف إعلاميين واللجوء إلى محاكمات عسكرية تزامنا مع انطلاق العمل بالمرسوم الرئاسي 117 الذي نظّم بمقتضاه رئيس الجمهوريّة السلط العمومية ومسكه بالسلطتين التنفيذية والتشريعية.

“تردّي وضع الحريّات”

النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين قالت في بيان لها مساء الأربعاء 6 أكتوبر 2021، إنّها تتابع بانشغال كبير تردي وضع الحريات بالبلاد وتصاعد وتيرة الاعتداءات والملاحقات وخاصة الإحالات الأخيرة على القضاء العسكري على خلفية الآراء والأفكار، ما من شأنه أن ينسف مكتسبات الثورة وأسس مدنية الدولة وقيم الديمقراطية والتعدد والتنوع، وفق نص البيان.
وعبّرت نقابة الصحفيين عن رفضها المطلق للمحاكمات العسكرية للمدنيين على خلفية آرائهم ومواقفهم ومنشوراتهم، معتبرة ذلك انتكاسة لحرية التعبير وضربا للديمقراطية وحق الاختلاف.

كما أكّدت رفضها التام لتتبع الصحفيين وأصحاب الرأي على خلفية آرائهم وأفكارهم، وتعتبر النقابة أن الأخطاء المهنية وقضايا النشر مجالها الهيئات التعديلية للمهنة والمرسوم 115 للصحافة والطباعة والنشر، مجدّدة تمسكها بالمرسومين 115 و116 كإطار وحيد لتنظيم المهنة.

وأدانت حملات التشويه والشيطنة والسحل الإلكتروني لأصحاب الآراء المخالفة من قبل جهات تقدم نفسها بأنها داعمة لرئيس الجمهورية. مُحمّلة رئيس الجمهورية مسؤولية أي انتكاسة لمسار الحقوق والحريات العامة والفردية. كما حذّرت من خطر العودة إلى مربع التضييقات وتكميم الأفواه، داعية إيّاه إلى تفعيل تعهداته السابقة بضمان الحقوق والحريات.

مؤشّرات خطيرة

وفي سياق متّصل، أكّد النّاطق الرّسمي باسم المنتدى التونسي للحقوق الاقتصاديّة والاجتماعيّة، رمضان بن عمر، لـ”JDD Tunisie”، أنّ المنتدى وبقيّة المنظمات الحقوقية قلقة بسبب ارتفاع منسوب الانتهاكات خاصة فيما يتعلّق بمحاكمة المدنيين أمام الدوائر القضائيّة العسكريّة معتبرا أنّه تهديد خطير للحريات.
وأضاف أنّ محاكمة الصحفيين والإعلاميين بنصوص مخالفة للتشريعات التي تنظّم المهنة مؤشّر خطير على تردّي واقع حريّة التعبير وتضييق غير مبرّر قد تكون نتائجه وخيمة.

رئيس الجمهورية قيس سعيد


وأشار إلى أنّ عدم تقديم رئيس الجمهورية لأي تصوّر للمرحلة القادمة وفي غياب تسقيف زمني للحالة الاستثنائية يضاعف مخاوف الحقوقيين خاصة مع إمكانية احتقان اجتماعي بسبب الظرف الاقتصادي الصعب.

“أنا خائف”

من جهته، صرّح نائب رئيس الرّابطة التونسية للدّفاع عن حقوق الإنسان بسّام الطريفي في حوار لإذاعة “موزاييك”، أنّه شخصيا خائف وهناك حالة من القلق لأنّ تجميع رئيس الجمهوريّة قيس سعيد للسلطات بلا رقيب ولا حسيب مخيف، داعيا سعيد إلى إحداث مرسوم جديد بموجبه تحدث هيئة مراقبة للمراسيم.

كما انتقد الطريفي الوضع تحت الإقامة الجبرية والحد من التنقل لعدد من رجال الأعمال، معتبرا أنّ ”هذا مناخ استبداد إذ تم تعليق الديمقراطية بموجب المرسوم 117، لا رجوع لما قبل 25 جويلية أيضا لا رجوع إلى ما قبل 14 جانفي فهذا خط أحمر”.

ودعا الطريفي رئيس الجمهوريّة إلى تعديل الكفة بما يضمن الحقوق والحريات، حسب تعبريره.


وتأتي هذه التحذيرات رغم طمأنة الرئيس قيس سعيد، في أكثر من مناسبة، بأنه “ملتزم” باحترام الحقوق والحريات والاحتكام للقانون والدستور، إذ قال قبل أسابيع “ليطمئن الجميع على الحقوق والحريات وليعلموا أنني حريص عليها”، لافتا إلى أنه “لم يتم اعتقال أي شخص أو حرمان أي شخص من حقوقه بل يتم تطبيق القانون تطبيقا كاملا لا مجال فيه لأي تجاوز لا من السلطة ولا من أي جهة أخرى”.

لكن هذه التطمينات الشفاهيّة لم تكن مطمئنة بالشكل الكافي خاصة بعد وضع عشرات المسؤولين السابقين قيد الإقامة الجبرية وحرمان آخرين من السفر دون تبرير رسمي من السلطات المعنية، على عكس مايقتضيه القانون.