بالرجوع إلى الأرقام، نلاحظ أن تونس في حاجة تقريبا إلى 18 مليار دينار قبل موفى سنة 2021، لمجابهة كل نفقاتها لهذه السنة، لكن بالاعتماد على المداخيل الجبائية تونس قادرة على تأمين 8 مليار دينار فقط، ولسد هذا الشغور طرح خيار التوجه نحو طباعة الأوراق المالية وضخها في السوق.

هل هذا الخيار ممكن؟ وماهي انعكاساته على الوضع الاقتصادي والمالي في تونس؟ وفيم تتمثل الحلول الأخرى؟

“يتعين على تونس سد ثغرة مالية في ميزانية الدولة لسنة 2021 تقارب 9 مليار دينار”، وفق الممثل المقيم لمؤسسة التمويل الدولية بتونس، جورج غرّة، الذي يتوقع أن يشهد عجز ميزانية الدولة التونسية مزيد التوسع بفعل ارتفاع أسعار البترول والحبوب”.

الخبير الاقتصادي ووزير المالية الأسبق حسين الديماسي، اعتبر أن طباعة الأوراق المالية له انعكاسات سلبية للغاية، من الممكن أن يساهم بصورة عاجلة وحينية في حل العجز في ميزانية الدولة الذي يقدر بحوالي 10 مليار.

وأوضح الديماسي لـ ”JDD Tunisie”، اليوم السبت 2 أكتوبر 2021، أنه يمكن بطريقة أو بأخرى جبر البنك المركزي من خلال تطعيم البنوك الأخرى بالسيولة لاقتناء ما يطرح من رقاع الخزينة في السوق المالية المحلية الوطنية، لتسديد النقص الذي تواجهه تونس، مشيرا إلى أن هذا الحل ممكن في حالة تغيير الحكومة للقانون الحالي.

وبخصوص انعكاسات هذا القرار فسر محدثنا أنه على المدى القصير والمتوسط ستكون انعكاساته سلبية للغاية، لأنه سيتم طرح حجم مهول من السيولة في الاقتصاد دون مقابل من حيث الإنتاج وفي هذه الحالة يفرز تضخما لا يطاق وارتفاعا في الأسعار مقابل هبوط حاد في قيمة العملة التونسية.

وتابع “اللجوء إلى السيولة من البنك المركزي وضخها في الاقتصاد يطرح إشكالا كبيرا على مستوى التوازنات الاقتصادية”.

وتجدر الإشارة إلى أنّه خلال سنة 2020، سجّل الدين العام في تونس مستوى قياسيا بقيمة 35.97 مليار دولار( حوالي 98 مليار دينار) أي بنسبة 87 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي.

الحل؟

وبخصوص الحلول الأخرى الممكنة، قال الديماسي أن ” الحل اليوناني الذي يفرض تخفيض الأجور ورفع الدعم عن المواد الأساسية، وفق وزير المالية السابق.

وأضاف أن تونس أمام خيارين، إما المخرج الأول وهو الكارثي أو المخرج الثاني الذي يعتبر أقل خطورة من الناحية الاقتصادية والمالية لكنه خطير من الناحية الاجتماعية، لأنه غير متوقع ردة فعل مختلف فئات المجتمع حوله.

في هذا الصدد، أوضح الخبير الاقتصادي عزالدّين سعيدان في تصريح سابق لـ ”JDD Tunisie”، أن الوضع الاقتصادي والمالي والاجتماعي وخاصة السياسي كان في أسوأ حال قبل 25 جويلية، كما أن المحادثات مع صندوق النقد الدولي كانت متوقفة تماما، مما يؤكد أن كل المؤشرات كانت في “الخط الأحمر”.

وأضاف سعيدان أنّ الحل يكمن في وضع قانون مالية تكميلي، الذي يمكننا من إجابات حول كيفية إنهاء سنة 2021 من الجانب الاقتصادي، إلى جانب استئناف المحادثات مع صندوق النقد الدولي، والشروع في برنامج إصلاح اقتصادي وإصلاح المالية العمومية يتطلب إيجاد حكومة يكون مشروعها الأساسي والوحيد إنقاذ الاقتصاد والمالية العمومية، وفق تقديره.

نشير إلى أن الحكومة الجديدة تنتظرها جملة من الملفات الكبرى أهمها الملف الاقتصادي والاجتماعي، وقد أكدت رئيسة الحكومة الجديدة نجلاء بودن في أولى تصريحاتها أنها ستعمل على مواجهة الصعوبات الاقتصادية التي تواجهها البلاد ومحاربة الفساد.