JDD Tunisie
السجن المدني بالكاف

قال رئيس جمعية القضاة التونسيين أنس الحمادي اليوم في تصريح لوكالة توني إفريقيا للأنباء إن ثلثي المساجين في تونس هم في طور الايقاف التحفظي وفي انتظار المحاكمة “.
وأبرز أن هذه الوضعية الصعبة لا تتماشى مع المعايير الدولية ومع منظومة القوانين والحريات خاصة وان الاصل هو الحرية والايقاف او تقييد الحرية او السجن هو الاستثناء بما يؤكد ضرورة العمل على بناء منظومة عقابية جديدة ، وفق رؤية انسانية و وفق مقاربة حقوقية تضمن حقوق المتضرر وتراعي الجانب الاصلاحي خاصة وان نسبة العود في تونس تفوق 42 بالمائة”.
واشار الحمايدي على هامش انطلاق اعمال الندوة الوطنية الثانية لجمعية القضاة التونسيين والتي تتواصل على مدى يومين بالحمامات وتنظمها بالشراكة مع الاتحاد الاوروبي ومنظمة محامون بلا حدود ومنظمة “ا تي ال” حول “الايقاف التحفظي وضمانات المحاكمة العادلة” الى أن مسالة الاحتفاظ تطرح عديد الاشكاليات خاصة في ظل ظروف الايواء بالمؤسسات السجنية التي تفوق احيانا 150 بالمائة.
وابرز ان الجمعية حرصت على تنظيم هذه الندوة للتواصل مع القضاة من السلسلة الجزائية وممثلين للمجتمع المدني ومختصين في علم النفس بهدف إيجاد الآليات الكفيلة بجعل التقييد من الحرية الاستثناء خاصة بالتعمق في الاشكاليات متعددة الجوانب للايقاف التحفظي بمختلف ابعادها القانونية والاجرائية و حتى النفسية في علاقة بالمحتفظ بهم وبالتاثيرات على عائلاتهم.
ولاحظ ان الندوة ستوفر فرصة هامة للتعرف على أبرز الاصلاحات الجديدة التي أدرجت بمشروع المجلة الجزائية الجديدة في إطار محاضرة لرئيس لجنة صياغة المشروع البشير منوبي الفرشيشي بالاضافة الى عروض نتائج الدراسة التي اعدتها الجمعية حول الاحتفاظ والايقاف التحفظي.
وبين بخصوص البدائل الممكنة للايقاف التحفظي ومن بينها اعتماد السوار الالكتروني التي انطلق استعمالها في تونس “لكن انتشارها ما يزال ضعيفا وضعيفا جدا” بالاضافة الى اعتماد العقوبات البديلة التي تطبق في تونس منذ سنة 1999 “لكن الاحصائيات تدل على ان تطبيقها فيه اشكاليات باعتبار تعدد الاطراف المتدخلة ورفض عديد المؤسسات قبول المحكوم عليهم للدخول وتنفيذ العقوبة”.
وابرز الحمايدي ان ما تعيشه تونس في ظل الوضع الاستثنائي زاد في بروز اشكاليات جديدة في علاقة بالإيقاف التحفظي في علاقة بملفات لها طبيعة خاصة تتعلق بأشخاص معروفين ورجال أعمال وسياسيين ورؤساء كتل في البرلمان.
وشدد على أن الهدف الرئيسي يبقى إرساء دولة القانون في الحالات العادية أو في الحالات الاستثنائية والتي يطبق فيها القانون على الجميع على قدم المساواة “دون تدخل المعطى السياسي في المعطى القضائي بوجعل القانون هو الفيصل مهما كانت الاطراف السياسية المتخاصمة” على حد قوله.
وطالب في ذات السياق القضاء بالاضطلاع بدوره كاملا في كنف الاستقلالية والحيادية في التصدي لكل انواع الجرائم وفي مقدمتها جرائم الفساد المالي والارهاب والجرائم التي ساهمت في تعطيل مسار الانتقال الديمقراطي السليم ومن بينها الجرائم الانتخابية.
واشار إلى أن جمعية القضاة نبهت في اكثر من مناسبة الى اشكالية “طول الزمن القضائي والذي يتماشى وينتظر احيانا الزمن السياسي” مبرزا ان المطروح هو ان لا يتاثر القضاة في ملفاتهم باي معطى سياسي.
وبين بخصوص الانتقادات التي يواجهها القضاء التونسي ان كل السلطات تتعرض للانتقاد والقضاء كغيره من السلطات عرضة للانتقاد، مبرزا ان الفصل بين السلطات شرط اساسي حتى يضطلع القضاء بدوره كاملا.
وقال ” إن النقد البناء الذي يضع الاصبع على مكان الداء والخلل في السلطة القضائية ويرمي لتعزيز المنظومة القضائية واصلاحها هو نقد محمود وتفاعل ايجابي بين السلطات ولكننا نرفض النقد الهدام الذي يريد ان يلغي المؤسسات والنقد الذي يريد ان ينفذ الى المؤسسة القضائية والتاثير في قراراتها والمساس من استقلاليتها وحياديتها ونزاهتها”.
وعبر عن اسفه عن عدم تسجيل تقدم كبير في الإصلاح الحقيقي للمنظومة القضائية منذ الثورة الى الان خاصة وان هذه المنظومة لم تسجل نقلة نوعية لتكون المنظومة بمنأى عن كل التجاذبات وعلى كل التدخلات الحزبية او قوى الضغط” مبرزا انه “من الطبيعي ان يكون منسوب الثقة في السلطة القضائية لا يزال متدن خاصة وان السلطة القضائية لم تستكمل بناءها ولم تحقق النقلة النوعية المرجوة التي تبقى مسؤولية كل السلطات وكل الاطراف المتدخلة وفي مقدمتها المجلس الاعلى للقضاء.
وتابع ” حتى وان كان تقييم الجمعية لحصيلة خمس سنوات لعمل المجلس الاعلى للقضاء سلبيا فان الجمعية متمسكة بالمجلس كمؤسسة دستورية لا يمكن اصلاح القضاء بدونها”، داعيا رئيس المجلس الاعلى للقضاء الى تحمل مسؤوليته في تنقية القضاء خاصة وان “الاصلاح يكون باصلاح المؤسسات وبالمؤسسات”.
واردف ” التفقدية العامة للشؤون القضائية هي اليوم مكمن الداء في السلطة القضائية خاصة وانها لا تضطلع بمهامها ولا تفصل في الملفات التي بين يديها داعيا المتفقد العام الى احالة كل ملفات الفساد مهما كانت الاطراف الضالعة فيها خاصة وان هناك من يريد ان يبقى الفساد داخل القضاء حتى يتمكن من السيطرة عليه والتحكم في قراراته”، مبرزا ان رئيس الجمهورية تحدث عن هذه المسالة ” وهو محق في ذلك” على حد تعبيره.
وشدد على ان التفقدية العامة هي في حاجة ملحة الى اصلاح جوهري والى احداثها بالرؤية الدستورية الجديدة ووفق المعايير الدولية خاصة وان اصلاح هذه المؤسسة هو شرط رئيسي لاصلاح القضاء”.
وقال رئيس جمعية القضاة التونسيين ” نحن اليوم أمام مرحلة تاريخية لإحداث نقلة نوعية في القضاء التونسي حتى يكون حقيقة مستقلا محايدا نزيها ويعمل لأجل دولة القانون وإعلاء القانون وتطبيقه على الجميع على قدم المساواة وفق مبادئ المحاكمة العادلة”.