بجرّة فصل من دستور 2014، غيّر رئيس الجمهوريةّ، صاحب الصلاحيات المحدودة، ملامح النظام والمشهد السياسيين بالبلاد. الفصل 80، الذي يوصف بأنه صاروخ الرّئيس قيس سعيّد الذي بنى عليه مشروعه من خلال تجميد البرلمان وتغيير أغلب أبواب الدستور.
من صوّت لفائدة المادّة 80؟ وكيف وضعه المجلس الوطني التأسيسي؟
“لرئيس الجمهوريّة في حالة خطر داهم مهدد لكيان الوطن وأمن البلاد واستقلالها، بحيث يتعذر السير العادي لدواليب الدولة، أن يتخذ التدابير التي تحتمها تلك الحالة الاستثنائية، وذلك بعد استشارة رئيس الحكومة ورئيس مجلس نواب الشعب ويعلن عن التدابير في بيان إلى الشعب.
ويجب أن تهدف هذه التدابير إلى تأمين عودة السير العادي لدواليب الدولة في أقرب الآجال، ويُعتبر مجلس نواب الشعب في حالة انعقاد دائم طيلة هذه الفترة. وفي هذه الحالة لا يجوز لرئيس الجمهورية حل مجلس نواب الشعب كما لا يجوز تقديم لائحة لوم ضد الحكومة.
وبعد مرور ثلاثين يوما على سريان هذه التدابير، وفي كل وقت بعد ذلك، يعهد إلى المحكمة الدستورية بطلب من رئيس مجلس نواب الشعب أو ثلاثين من أعضائه البتُّ في استمرار الحالة الاستثنائية من عدمه. وتصرح المحكمة بقرارها علانية في أجل أقصاه خمسة عشر يوما. ويُنهى العمل بتلك التدابير بزوال أسبابها. ويوجه رئيس الجمهورية بيانا في ذلك إلى الشعب”
بهذه الصيغة ورد الفصل 80 حاملا للعدد 79 في مشروع الدّستور إذ انطلق المجلس الوطني التأسيسي، الذي كانت حركة النهضة تحوز على أغلب مقاعده، في مناقشته يوم 12 جانفي 2014، وصادق عليه يوم 20 جانفي 2014. وورد على هذا الفصل مقترحا تعديل، أحدهما من لجنة التوافقات ينص على تغيير الفقرة الأولى بـ”لرئيس الجمهوريّة في حالة خطر داهم مهدد لكيان الوطن أو أمن البلاد أو استقلالها، يتعذر معه السير العادي لدواليب الدولة (..)”.
كما ورد مقترح تعديل ثان من النائبين ريم محجوب والصحبي عتيق ينص على تنقيح الفقرة الأخيرة لتكون صياغتها “ويُنهى العمل بتلك التدابير بزوال أسبابها أو بقرار من المحكمة الدستورية ويوجه رئيس الجمهورية بيانا في ذلك إلى الشعب”.
ووفقا للحبيب خضر المقرّر العام للدّستور في كتابه “نصوص مركزيّة للدّولة التونسية 2011-2014” الصادر سنة 2015، فإنّ المصادقة على هذا الفصل المثير للجدل، جاءت يوم 20 جانفي بموافقة 172 نائبا دون احتفاظ وبمعارضة نائب واحد.
وبالرّجوع إلى مداولات المجلس الوطني التأسيسي، يتبّين أن النائب عن كتلة التحالف الديمقراطي، الحزب الديمقراطي التقدمي، شكري القسطلي كان يملك رأيا ضدّ النص الأصلي.
وفي مداخلته، قال القسطلي “مثلما تعرّض التنظيم المؤقت للسلطات لتعدي مثل هذه الحالة التوضيحية، يجب توضيح ماذا يعني الخطر الداهم؟ ما نوعيته؟ هل هو حرب أهليّة؟ هل هو هجوم كيميائي أو حرب جرثومية أو كارثة بيئية؟ يعني نعطي بعض التوضيحات حول هذا الخطر وأقترح “كحالة الحرب الأهلية أو تعرض البلاد لهجوم خارجي أو كارثة طبيعية أو بيئية.ثم الحالة الاستثنائية، ما هي الحالات الاستثنائية التي يتصرف على ضوئها السيد رئيس الجمهورية؟ كإعلان حظر الجولان وإقرار حالة الطوارئ (..).
في 25 جويلية 2021، خرج رئيس الجمهورية قيس سعيد في بيان إلى الشعب معلنا “إطلاق أحد صواريخه القانونيّة” بتفعيل الفصل 80 من الدستور واتخاذ جملة من التدابير الاستثنائيّة، تتعلّق بإعفاء رئيس الحكومة وتعليق أعمال البرلمان. مما أدّى إلى تشضيّ حركة النهضة، مهندسة دستور 2014، بعد استقالة جزء من قياداتها التاريخية و7 نواب من كتلتها.