تعيش تونس منذ 25 جويلية على وقع الإجرائات الاستثنائية التي كانت محددة بشهر، لكن رئيس الجمهورية قيس سعيد قرر تمديد العمل بهذه الإجراءات إلى “حين إشعار آخر”، وهذا الإشعار لم يحن بعد، فقد مرت حوالي ثمانية أسابيع دون تحديد خارطة طريق واضحة أو برنامج عمل يكشف عن موعد تعيين الحكومة الجديدة ومصير البرلمان المجمدة أعماله.

هذه الحالة الاستثنائية صنفها البعض بالأزمة السياسية، وعرفها البعض بالحل الذي طال انتظاره، فاختلفت القراءات لمحاولة فهم المشهد السياسي الجديد، لكن اجتمع الكل على طرح سؤال “تونس إلى أين؟“. 

الحالة الاستثنائية في تواصل!

وكان قد أكد رئيس الدولة على أهمية “تشكيل الحكومة”، موضحا أنه ”كان يمكن تشكيل الحكومة منذ 26 جويلية لكن القضية ليست قضية حكومة وإنما قضية سياسة حكومة”،

وأضاف سعيد خلال لقاء جمعه بخبراء قانونيين ودستوريين في 14 سبتمبر الجاري ”من السهل تشكيل حكومة والعودة كما كنا قبل 25 جويلية، لكن القضية تتمثل في السياسة التي ستتبعها”، مشددا أنه “ليس من دعاة الانقلاب والفوضى”.

وفي هذا الإطار أكد مدير قسم القانون العام بكلية الحقوق والعلوم السياسية بتونس، صغير الزكراوي، “أن تونس الآن في حالة استثناء، وهذه الحالة تحكمها قواعد ومبادئ خاصة، وعند حالة الضرورة يتحرر فيها رئيس الجمهورية بتفعيله “للفصل 80″ من عدة إكراهات القانونية الدستورية والشرعية، بالإضافة إلى ذلك الشعب داعم لقرارات سعيد وأمام إرادة الشعب الدستور لا يساوي شيئا”.

وأوضح الزكراوي أن “حالة الضرورة ليس لها قانون يحكمها، كما أن الضرورات تبيح المحضورات، أي يمكن العمل دون برلمان أو محكمة دستورية في هذا الظرف الاستثنائي، مشيرا إلى أن المنظومة القديمة غير قابلة للإصلاح من الداخل، ذلك أن المنظومة قدمت الفساد وتهريب الأموال وانهيار الدولة، والحديث عن عودة عمل البرلمان أصبح حديث غوغائي”.

ماهي الخطوات المقبلة لقيس سعيد؟

قال محدثنا إن على الرئيس سعيد أن ينشر التنظيم المؤقت للسلط، والذي على أساسه سيقع تشكيل الحكومة لتعالج المسائل الاقتصادية العاجلة.

وطرح أستاذ القانون العام الخطوات التي يجب أن يعلن عنها رئيس الجمهورية: تعيين حكومة جديدة وتحديد سقف زمني لمختلف الخطوات ثم تحديد مضمون الخطوات القادمة إما بتعليق الدستور أو تقديم تعديلات فيه.

المخرج القانوني

ألمح رئيس الجمهورية في تصاريح سابقة إلى إمكانية تعديل الدستور قائلا: «أحترم الدستور ولكن يمكن إدخال تعديلات على نصوصه.. الدساتير ليست أبدية».

وحول الإشكال القانوني الذي يحيل سعيد عنه تطبيق هذه التعديلات، أوضح مدير قسم القانون العام بكلية الحقوق أنه بعد إعداد هذه التعديلات من قبل لجنة من الخبراء المنفتحة على المجتمع المدني والأحزاب والمنظمات الوطنية ومن شخصيات اعتبارية، يتم عرضها على الاستفتاء.

وبالنسبة للإشكال القانوني حول إجراء استفتاء شعبي في تونس دون وجود البرلمان للنظر فيه، أوضح الزكراوي أنه في ظل غياب محكمة دستورية فإن القرار يعود لرئيس الجمهورية في ضبط الإجراءات.

من جهته أكد عادل برينصي عضو الهيئة العليا المستقلة للانتخابات في تصريح سابق لــ”JDD Tunisie” أنّ مجلس الهيئة، لم يناقش أي سيناريو يتعلق باستفتاء أو انتخابات تشريعية سابقة لأوانها.
و أشار برينصي إلى أن الهيئة مستعدة دائما لكل الاحتمالات ،إذا تمّ إقرار الذهاب لاستفتاء شعبي أو انتخابات تشريعية، فإنها ستكون في حجم الدور وستؤمن المسار كاملا، وفق تعبيره.

وينص الفصل 143 من الدستور لرئيس الجمهورية أو لثلث أعضاء مجلس نواب الشعب حق المبادرة باقتراح تعديل الدستور، ولمبادرة رئيس الجمهورية أولوية في ذلك.

واستنكر رئيس الجمهورية الحديث عن انقلاب في تونس قائلا: ”لقد بدؤوا يتحدثون عن الانقلاب، كيف يمكن الحديث عن انقلاب بناء على الدستور والفصل 80 الذي يتحدث عن خطر داهم..الخطر الجاثم على الدولة ولابد من الحفاظ عليها”.