إثر قرارات رئيس الجمهورية قيس سعيد، المتعلقة بفرض تدابير استثنائية أهمها تعليق عمل البرلمان ورفع الحصانة عن نوابه، وتعليق العمل بدستور 2014، يشهد الشارع التونسي انقسامات ميدانية وفكرية بين مؤيد ورافض لهذه الإجراءات.

يرى مراقبون أن هذه الاحتجاجات يمكن أن تؤدي إلى انقسام الشعب التونسي، وصولا إلى حرب أهلية.

في هذا السياق يرى المحلل السياسي صلاح الدين الجورشي أن الشارع التونسي متنوع بطبيعته، وذلك بحكم الثورة والاتجاهات الحزبية المختلفة، لكن عملية الانقسام الآن في تونس بدأت تتخذ شكلا مثيرا للقلق”.

وأكد الجورشي إذا كان هذا الانقسام سيتواصل ويتجسد على أرض الواقع من خلال مسيرات متكررة من الطرفين المؤيد والمعارض، يمكن أن يؤدي إلى تصادم بين هذين الطرفين، موضحا في حالة حدوث هذا التصادم فإن تونس ليست مهددة فقط بعدم الاستقرار السياسي ولكنها أيضا قد تصبح مهددة بظاهرة العنف السياسي المتبادل بين الفرقين المختلفين”.

مضيفا “لأجل هذا أعتقد أن رئيس الجمهورية مطالب في هذه المرحلة بالتدخل لحماية الوحدة الوطنية، لأن الوحدة الوطنية قد تصبح في لحظة من اللحظات مهددة في أسسها وفي قوتها، مما يهدد البلد في الدخول إلى صراع عنيف بين أطرافه المدنية التونسية”.

تونس مهددة بحرب أهلية؟

يجيب محدثنا أن “العنف السياسي يمكن أن يهدد باندلاع حرب أهلية، في حالة تكرره. لكنه أمر مستبعد في تونس في هذه الفترة”.

متابعا أن “العنف السياسي مرتبط بغياب حكم يحاول أن يقرب بين الأطراف، كما يمكن أن تغذيه الانزلاقات والانحرفات على مستوى الشارع، وهذه الأسباب تجعله يتطور في اتجاه خطير”.

نشير إلى أن العنف السياسي مثل 13 بالمائة من حالات العنف في تونس، يليه العنف في الفضاء العام بـ9.7 بالمائة، والعنف الاقتصادي بـ 3.2 بالمائة، أما النسبة الأكبر فكانت للعنف الإجرامي بنسبة 71 بالمائة خلال سنة 2021، وفق المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية.

هذه النسب رصدت إثر قرارات 25 جويلية، تحديدا في منتصف شهر أوت 2021، وفي هذا الصدد أوضحت منسقة المرصد الاجتماعي عن المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، نجلاء عرفة، في تصريح سابق لـ Jdd-Tunisie، أن بعد 25 جويلية، “لاحظنا نقلة نوعية في العنف السياسي حيث أصبحت هناك هجمات من النواب المجمدين ومن الفئة السياسية الرافضة للقرارات الجديدة، تجاه المواطنين بأشكال متنوعة من العنف منها اللفظي والمادي والتهديد”.

مؤكدة أنه لايزال خطاب السياسيين قائما على العنف السياسي والتهديدات، فمنذ تجميد عمل البرلمان توقف العنف الجسدي أما العنف اللفظي والرمزي فما زال متواصلا في وسائل الإعلام وفي الميديا الجديدة.

من جانبه فسر المحلل السياسي في حديثه لــ Jdd-Tunisie، “على المسؤولين والإعلام وكل النخب التونسية أن تدعو إلى حماية الشعب التونسي من الوقوع في هذه الحرب الملعونة التي تورطت فيها عدة شعوب أخرى”.

هذا ويواصل الفاعلون السياسيون في تونس بالدعوة إلى الاحتجاجات ورفض الرأي المقابل، دفاعا عن أرائهم ومواقفهم في ظل غياب سلطة تشريعية ورئيس حكومة وعدم وضوح الخارطة السياسية للبلاد.