ستة أسابيع دون حكومة وتونس تحت الحالة الاستثنائية، منذ الإعلان عن قرارت قيس سعيد التي اتخذها في 25 جويلية، تواترت المطالب الداخلية والخارجية بضرورة تشكيل حكومة مشروعها الأساسي إنقاذ الاقتصاد.

ويرى مراقبون أن غياب تعيين حكومة في ظل الوضع الاقتصادي الحالي سيكون له انعكاسات عديدة، خاصة على مستوى المحادثات مع صندوق النقد الدولي، ووضع قانون مالية تكميلي وخاصة البحث عن حلول لسد العجز التجاري قبل موفى سنة 2021.

في هذا الصدد، أوضح الخبير الاقتصادي عزالدّين سعيدان لـ”JDD Tunisie”، اليوم الأربعاء 8 سبتمبر 2021، أن الوضع الاقتصادي والمالي والاجتماعي وخاصة السياسي كان في أسوأ حال قبل 25 جويلية، كما أن المحادثات مع صندوق النقد الدولي كانت متوقفة تماما، مما يؤكد أن كل المؤشرات كانت في “الخط الأحمر”.

وأضاف سعيدان أنّ البلاد كانت في حالة شلل تام على جميع الأصعدة، ثم جاءت إجراءات “25جويلية” في شكل فرصة لإنقاذ الوضع الاقتصادي، إلا أن هذه الإجراءات لم تتم ترجمتها إلى مشاريع حقيقية، ومن أهمها مشروع إصلاح سياسي، مشروع إنقاذ اقتصادي، مشروع إنقاذ المالية العمومية.

وفسّر أنه بالرجوع إلى الأرقام، نلاحظ أن تونس في حاجة تقريبا إلى 18 مليار دينار قبل موفى سنة 2021، لمجابهة كل نفقاتها لهذه السنة، لكن بالاعتماد على المداخيل الجبائية تونس قادرة على تأمين 8 مليار ديتنار فقط، متساؤلا “من أين ستأمن تونس ذلك المبلغ، علما وأن المحادثات مع صندوق النقد الدولي متوقفة تماما”.

نشير إلى أن تونس مطالبة بسداد ديون قيمتها 4.5 مليار يورو (5.4 مليار دولار) خلال العام 2021. كما أنها بحاجة الى 19 مليار دينار (حوالي 6.78 مليار دولار) للإيفاء ببنود ميزانية للعام 2021.

وتجدر الإشارة إلى أنّه خلال سنة 2020، سجّل الدين العام في تونس مستوى قياسيا بقيمة 35.97 مليار دولار( حوالي 98 مليار دينار) أي بنسبة 87 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي.

وأكد سعيدان أن تونس لا تزال تحت الحالة الاستثنائية منذ 25 جويلية، كما أن التصنيف الانتمائي نزل إلى مستوى سيء جدا، بالتالي يصبح من شبه المستحيل دخول تونس إلى الأسواق المالية الدولية.

من جانبها قالت وكالة “فيتش رايتنغ” للتصنيف الائتماني إن قرارات قيس سعيد، قد تعطل المفاوضات مع صندوق النقد الدولي بخصوص برنامج الإصلاح الاقتصادي، ما يعني زيادة الضغوط على التّمويل.

كما أشارت الوكالة إلى أن الاضطرابات السياسية والتوترات التي تشهدها تونس قد تؤثر سلبا في رغبة شركائها الأجانب في دعمها اقتصاديا، خاصة وأن آفاق الإصلاحات، الكفيلة بتقليص عجز الميزانية والمساهمة في استقرار الدين والحد من الضغوط الخارجية على السيولة، كانت بطبعها ضيقة قبل هذه الأزمة.

الحل في الحكومة؟

بين الخبير الاقتصادي عزالدّين سعيدان أن الحل يكمن في وضع قانون مالية تكميلي، الذي يمكننا من إجابات حول كيفية إنهاء سنة 2021 من الجانب الاقتصادي، ومن أين سنأتي بالموارد المالية الضرورية لمجابهة نفقات الدولة لهذه السنة.

إستئناف المحادثات مع صندوق النقد الدولي، وضع قانون مالية تكميلي، قانون مالية لسنة 2022، الشروع في برنامج إصلاح إقتصادي وإصلاح المالية العمومية تتطلب إيجاد حكومة يكون مشروعها الأساسي والوحيد إنقاذ الاقتصاد والمالية العمومية، وفق تقديره.

وأكد محدثنا أن تونس ليست معزولة عن العالم، فهي في شراكة مع دول خارجية في المبادلات التجارية والاستثمارات والتمويل وفي عدة مجالات، وهو ما يوضح زيارات ومطالب هذه الدول بالتسريع في وضع حكومة.

جدير بالذكر أن سفراء مجموعة السبع للدول الصناعية الكبرى لدى تونس، دعوا رئيس الجمهورية قيس سعيد إلى ضرورة تعيين رئيس للحكومة والعودة إلى النظام الدستوري في أسرع وقت ممكن.