بقلم معز بن محمود حسن الخبير في الاتصال

يتطلع الشعب التونسي بشغف كبير جدّا إلى البيان المرتقب لرئيس الجمهوريّة.
كلمة ستشكّل ساعة بثّها ذروة الاهتمام الشعبيّ داخليّا وستكون خلالها تونس محطّ أنظار كلّ العالم خارجيّا. لحظة فارقة من المفترض أن قيس سعيّد سيحاول من خلالها الإجابة ببلاغة على أسئلة كلا الجمهورين لأن هذا البيان سيمثّل وثيقة مرجعيّة في علاقة بتمثّل الجمهورين الداخلي والخارجي لصورة رئيس الجمهوريّة ولمشروعه المستقبلي الذي سيعلنه لفائدة تونس وشعبها أولا ولشركاء تونس، إقليميّا ودوليّا، ثانيا.
فما هي الأسئلة الكبرى المطروحة على رئيس الجمهوريّة داخليا وخارجيّا؟

أولا: أيّ نظام سياسي يريده الرئيس؟ لماذا يريد الرئيس ذلك؟ ما هي خطّته لتركيزه؟ في أيّة آجال؟ وبأيّة ضمانات وآليات دستوريّة وقانونيّة؟ ما هو مصير البرلمان الحالي؟ ما هو مصير الهيئات الدستوريّة والمستقلّة القائمة؟ ألا يؤسس الرئيس لديكتاتوريّة جديدة؟ وهل ينوي الترشح لعهدة رئاسيّة ثانية؟ وأيّة تونس جديدة يريدها للتونسيين؟
ثانيا: ما هي ملامح الحكومة الجديدة ومقاييس تشكيلها وتركيزها وبرنامج عملها وأولوياتها خلال المرحلة الانتقاليّة؟ هل هي حكومة الرئيس؟ وعندما يتحدّث الرئيس عن الوفاء بالعهد هل يعني أن الحكومة هي حكومة ولاءات؟ هل هي حكومة مصغرة ستقوم على أقطاب وزاريّة محدودة العدد؟ هل سيجيب برنامج الحكومة على مقولة “الشعب يريد”؟ هل ستحارب الفساد والمفسدين؟ ما هي أولوياتها على المستويين الاقتصادي والاجتماعي؟ كيف ستحارب الفقر والبطالة والتهميش وغلاء المعيشة وتردي الخدمات؟ وهل ستكون الرقمنة الكليّة للبلاد واحدة من أولويّاتها؟ هل ستقوم الحكومة على مبدأ التناصف؟ وكيف ستواجه التحديّات المالية القائمة؟ أيّ دور للأحزاب والمنظمات الوطنية في تشكيل الحكومة وإسنادها؟
ثالثا: هل سيفي الرئيس بوعوده في كشف الفاسدين ومحاسبتهم وإعادة أموال الشعب للتونسيين؟ هل سيسمي الرئيس الفاسدين وملفات الفساد بأسمائهم وهل سيمرّ فعليّا إلى كشف جرائمهم ومحاسبتهم بقوة القانون؟ وهل من أدلّة لديه على وجود روابط مشتركة بين لوبيات الفساد والإرهاب؟ وهل من خطة واضحة لدعم أدوار المؤسسات العسكرية والأمنية والقضائية لدعم القدرات الوطنية في محاربة الفساد والتطرف والإرهاب على أسس قانونية وجمهورية؟ وما علاقة “الإسلام السياسي” في تونس بالفساد والتطرف والإرهاب؟ وما هي حصيلة الحملات الأخيرة لمكافحة التهريب والاحتكار والمضاربة وهل من خطة واضحة لتعزيز الجهود في هذا المجال؟
رابعا: ما هي مقاربة رئيس الجمهورية لمسألة الحقوق والحريّات؟ هل سيتواصل العمل بالإجراءات الاستثنائية وفي مقدمتها الإقامة الجبرية واللجوء الى القضاء العسكري؟ ما هو موقف الرئيس من حريّة التعبير والصحافة والإعلام؟ هل يعادي الرئيس الاعلام التونسي؟ وهل أن خياره الاتصالي هو مقاطعة الاعلام التقليدي؟ ما هي خطة الرئيس لإنقاذ الاعلام العمومي؟ وهل ينوي مراجعة الأطر التشريعية المتعلقة بحريّة الصحافة والنشر وبتعديل الاعلام وبتنظيم وتمويل الأحزاب والجمعيات والهيئات المستقلّة والهيئات الدستورية؟ هل للرئيس مشروع ثقافي واضح لتونس؟
خامسا: ما هي ملامح الديبلوماسيّة التونسيّة التي يمكن أن تخدم المشروع المستقبلي لتونس وما هي أهدافها الاستراتيجية؟ هل تواجه تونس ضغوطا خارجيّة للتأثير على قرارها الداخلي؟ هل هنالك قوى خارجية تتآمر على تونس وعلى أمنها؟ ما هي خطّة الرئيس لتعزيز التعاون والشراكة مع الجارين الجزائري والليبي في ظلّ التحديات والأوضاع الإقليمية الحالية؟ ما هي الرسالة التي يتوجه بها رئيس الجمهورية إلى الشركاء الدوليين ومؤسسات التمويل الدولي؟ هل ستعتمد تونس مستقبلا ديبلوماسية اقتصاديّة ناجعة لاستثمار الفرص والشراكات الممكنة؟ وما هي رسالة رئيس الجمهوريّة للتونسيين بالخارج؟
ولكي تكتمل الصورة. كيف سيجيب رئيس الجمهوريّة على هذه الأسئلة وبالاعتماد على أيّة أدوات اتصاليّة وأيّ مخطط اتّصالي؟ وهل أن البيان المرتقب سترافقه خطوات عمليّة تدعم صدقيّته ومصداقيّته وأثره على المتلقّي؟
لننتظر. ولنرى..