تتواتر الدعوات الملحّة على رئيس الجمهوريّة قيس سعيد، من مختلف الفاعلين السياسيين والاجتماعيين، للإسراع بالإعلان عن تشكيل حكومة تعمل على الملفات الاقتصادية والاجتماعية في وضع مالي متأزّم زاده الوباء تعقيدا، فأيّ كلفة اقتصادية لغياب حكومة مسؤولة عن وضع سياسات الدولة؟
الأزمة هيكليّة بالأساس
وفي هذا الإطار، أوضح الخبير الاقتصادي جمال العويديدي في تصريح لـ”JDD Tunisie”، اليوم الأحد 19 سبتمبر 2021، أنّ المسألة لا تتعلّق بوضع أشخاص يتسلمون مشعل التسيير بنفس السياسية والأساليب والخيارات، مضيفا أنّ الوضع بعد 8 أسابيع من التغيير السياسي الواضح لم يتغيّر باعتبار أنّ الحكومات السابقة وخاصة في السنوات الخمس الماضية كانت تقوم بتصريف الأعمال فحسب للتمكّن من صرف أجور الموظفين في الآجال.
وأضاف أنّ الأزمة في تونس تتعلّق بإشكالات هيكليّة وخلل في منوال التنمية مما يتطلب بالأساس حلولا هيكلية تقطع مع سياسات الماضي التي تتسّم بالتوريد العشوائي والفوضوي من الخارج مشيرا إلى أنّ الدولة استوردت سنة 2019 ما قيمته 42 مليار دينار ولم تصدّر إلا بقيمة 10 مليارات مما تسبب في عجز ضخم.
وتابع أنّ كل دول العالم بعد أزمة كورونا خفضت في مستوى الفائدة المديرية في حين مازال البنك المركزي التونسي يتبع السياسات ذاتها بل أصبح يوضح فائدة مباشرة على عملية إقراض البنوك للدولة مما يتسبب في خسائر بحوالي 1500 مليار سنويا.
وفسّر أنّ نتائج عملية تدمير قيمة الدينار لعدة سنوات حتميّة ومازالت تبعاتها تلقي بظلالها إلى غاية اليوم إلى جانب المواصلة في وضع قوانين مالية على رأس كل سنة لا تتلاءم مع الوضع الحقيقي للبلاد بنفس السياسات التقشفيّة بتوقعات خاطئة بهدف حصول النص على موافقة البرلمان في الآجال دون أي رؤية أو برنامج إصلاح وبالتالي فإنّ القضية لا تتعلق بتعيين أشخاص وإنما بالبدائل، وفق قوله؟
أيّ بدائل لسعيّد؟
أثناء لقائه بمجموعة من أساتذة القانون الدستوري، قبل أيّام، قال الرئيس قيس سعيد إنه كان يمكن تشكيل الحكومة يوم 26 أو 27 جويلية “لكنها ليست قضية حكومة.. هل يا ترى هي قضية حكومة أو سياسة حكومة؟ هل نحن في حاجة لحكومة؟ القضية في السياسة التي ستتبعها الحكومة…الدولة مستمرة لا بد من حكومة، لكن في دستور 59 لم تكن هناك حكومة”، وفق قوله.
ومن خلال تصريحات سعيّد مابعد 25 جويلية وحتى قبل توليّه رئاسة الجمهوريّة فإنّه يعطي مؤشرات عن ذهابه للقطع مع تاريخ الاقتصاد السياسي التونسي الذي انطلق في السنوات الأولى للاستقلال ومرّ بعدة تجارب ليبرالية ورأسمالية وتعاضدية وصولا إلى حالة الإنكماش بعد 2011 التي عجز خلالها الفاعلون عن إنجاح مسار الانتقال الاقتصادي بسبب التعثّر السياسي وتتالي الأزمات.