صحيفة الأحد – Jdd Tunisie

المهاجرون المغاربة: وقود حرب الانتخابات الرئاسيّة في فرنسا

تنفيذا لتهديدات سابقة، قرّرت فرنسا تشديد شروط الحصول على تأشيرات دخول مواطني المغرب والجزائر وتونس، بهدف “الضغط” عليها من أجل قبول المهاجرين القادمين من هذه الدّول المغاربيّة والتي قررت السلطات الفرنسيّة ترحيلهم

وصرّح الناطق باسم الحكومة الفرنسية غابرييل أتال لإذاعة “أوروبا 1″، إنه “قرار غير مسبوق لكنه أصبح ضروريا لأن هذه الدول لا تقبل باستعادة رعايا لا نرغب فيهم ولا يمكننا إبقاؤهم في فرنسا”.

لعبة الانتخابات

جاء قرار الحكومة الفرنسة تزامنا مع تقديم مرشحة الحزب الجمهوري للانتخابات الرئاسية ذات التوجّه اليميني المتطرّف مارين لوبان، بمسودة استفتاء حول الهجرة، في الوقت الذي تحاول فيه قوى اليسار تجاوز النتائج الضعيفة لاستطلاعات الرأي التي أظهرت “نجاحا باهرا” لقوى اليمين المتطرّف المعادي للمهاجرين.
وفي شهر جوان الماضي، قالت صحيفة “واشنطن بوست” إن اليمين المتطرف في فرنسا نجح في فرض شروطه على النقاش العام في البلاد بسبب سعي الأحزاب الأخرى لمواءمة نفسها مع الخطاب “المتطرف” من أجل الكسب في انتخابات 2022.

مارين لوبان


من جهتها، وعدت زعيمة اليمين المتطرّف لوبان، والمنافسة الأشد خطورة على الرئيس الحالي ايمانويال ماكرون، بأن تجري، إذا ما فازت في الانتخابات الرئاسية المقرّرة العام المقبل، تعديلاً دستورياً يكرّس “الأولوية الوطنية” وأن تلغي حقّ اكتساب الجنسية بسبب رابط الأرض وأن تحرم غير الفرنسيين من الإعانات العائلية.
تجدر الإشارة إلى أنّ قانونا فرنسيا يعود إلى سنة 1872، يحظر إجراء التعداد من خلال التمييز بين مواطنيها من حيث العرق أو المعتقدات الدينية، لكن استطلاعا للرأي قامت به شركة تسويق تدعى Solis في 2009، أظهر أنّ 5.23 بالمائة من سكان البلاد من أصول مغاربية و حوالي 3 بالمائة من أفريقيا جنوب الصحراء، باعتبار أنّ فرنسا شهدت هجرة واسعة النطاق على مدار المائة عام الماضية. ويُعتقد أن 40٪ من سكان فرنسا ينحدرون، جزئيًا على الأقل، من موجات الهجرة منذ بداية القرن العشرين.

ضغط على جنوب المتوسّط


من جهة أخرى، أفاد النّاطق الرّسمي باسم المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعيّة، رمضان بن عمر، لـ”JDD Tunisie”، أن الخطوة التي أقدمت عليها باريس تندرج في إطار سياسية الضعط الممنهج الذي تقوم به الدول الأوروبية بصفة عامة على تونس فيما يتعلّق بقبول المرحّلين قسريّا.

وأكّد أنّ دول الشمال تعمل على فرض اتفاقيات جديدة يتم بموجبها الترفيع في حالات المهجرين قسريا دون احترام الشروط القانونية وفي ظروف غير إنسانية.

وأشار إلى عدم توزان الشراكة مع الاتحاد الاوروبي بخصوص اتفاقية حرية التنقل التي وقعتها تونس سنة 2014 باعتبارها لا تستجيب للتطلعات الشرعية لشعوب الضفة الجنوبية للمتوسط في عدالة المعاملة بين متساكني الضفتين، بالإضافة إلى اتفاقيات إعادة القبول التي تفرض على الدولة التونسيّة قبول جميع المهاجرين الذين أبحروا من أراضيها حتى أولائك الذين يحملون جنسيات أخرى في اعتداء على السيادة الوطنية.

تقليص غير مسبوق

وفقا لأرقام رسمية فرنسيّة، فقد أصدر القضاء الفرنسي، منذ بداية العام 2021 وإلى غاية شهر جويلية، 7731 قرارا يلزم جزائريين بمغادرة الأراضي الفرنسية لكن عاد 22 شخصا فقط إلى ديارهم، أي بنسبة تكاد تتجاوز 0.2%.

ولإجبار المغرب والجزائر وتونس على استعادة رعاياها، قررت فرنسا بالتالي تقليص عدد التأشيرات الصادرة للمغاربة والجزائريين بنسبة 50% والتونسيين بنسبة 33%.

على سبيل المثال، خلال الأشهر الستة الأولى من عام 2020، أصدرت السلطات حوالي 63 ألف تأشيرة للجزائريين، من أصل 96 ألف طلب، وفقا لتقرير “أوروبا 1”. لكن الرئيس إيمانويل ماكرون طلب من وزارة الخارجية إصدار 31,500 تأشيرة كحد أقصى للمواطنين الجزائريين خلال الأشهر الستة المقبلة، أي تخفيض عدد التأشيرات إلى النصف.

بحسب أتال، مواقف الدول الثلاث “تبطئ فعالية” عمليات الترحيل من الأراضي الفرنسية عند صدور قرارات في هذا الصدد.

الخروج من نسخة الهاتف المحمول