صحيفة الأحد – Jdd Tunisie

المغرب: القصر الملكي يقود الإسلاميين إلى الهزيمة المدويّة

خسر حزب العدالة والتنمية الإسلامي كلّ مقاعده تقريبا في البرلمان المغربي خلال الانتخابات التشريعيّة الأخيرة التي انتظمت بوم 8 سبتمبر الجاري، في هزيمة مدويّة راجعة لاستراتيجية الملك محمد السادس الذي يتولّى العرش منذ 21 سنة.

ويعاني حزب العدالة والتنمية المغربي اضطرابات واهتزازات منذ عدة أشهر. رغم نجاحه في السنوات الأخيرة بفضل مواقفه ضد الفساد ومن أجل العدالة الاجتماعية. لكن الأزمة الداخلية تغلبت عليه، فبعد عقد من الزمن في السلطة، انهار الحزب عمليًا بعد أن فقد 113 مقعدًا من أصل 125 كان يمتلكها في مجلس النواب في الانتخابات التشريعية المغربية ولم يتحصّل الحزب الإسلامي إلّا على 12 مقعدًا فيما وصف بـ”الهزيمة التاريخية” أمام أحزاب “التجمع الوطني للأحرار” ) و”الأصالة والمعاصرة” و”الاستقلال”.

وتقول Le Journal De L’Afrique، إنّ حصيلة الانتخابات المغربيّة جاءت واضحةو لتؤكّد تألّق الأحزاب القريبة من القصر الملكي في حين مُني العدالة والتنمية بهزيمة مدويّة بعد أن أصبح معارضا حقيقيا للملك على إثر رفض وزير الخارجيّة في حكومة سعدالدين العثماني لقاء نظيره الإسرائيلي ورفض الحزب اتفاقية التطبيع المبرمة بين الرّباط وتل أبيب.

تحت سطوة القصر

شهدت صناديق الإقتراع يوم 8 سبتمر 2021، إقبالا غير معتاد إذ تجاوزت نصبة المشاركين في الانتخابات التشريعية في الممكلة 50 بالمائة خاصة أنّه تمّ تنظيم الانتخابات البلدية والجهوية في اليوم ذاته لأول مرّة في تاريخ البلاد. كما أقر النظام مشروع قانون يحدد الحاصل الانتخابي. هذه الطريقة الجديدة في الحساب ، التي تستند إلى عدد الناخبين وغير المسجلين اعتبرها حزب العدالة والتنمية “غير ديمقراطية” باعتباره كان يأمل في إقبال منخفض للحفاظ على أغلبيته. بالتالي جاء هذا النص المفصّل على مقاس الحزب بمثابة الضربة القاسمة.

خلال يوم التصويت ، أفاد حزب العدالة والتنمية بـ “مخالفات خطيرة” قائلا “نحن قلقون للغاية ونحن نراقب تقدم الانتخابات الوطنية، لقد شهدنا العديد من المخالفات”. من جهته قال وزير الداخلية عبد الوافي لفتيت إن التصويت جرى “في ظروف طبيعية” باستثناء بعض الحوادث المنفردة.
ووفقا لصحيفة Le Journal De L’Afrique فإنّ الملك محمد السادس كان يأمل منذ عدة سنوات في التخلص من الإسلاميين المتمثلين في حزب العدالة والتنمية ففي عام 2017 ، أعفى عبد الإله بنكيران من مهمة تشكيل الحكومة مفضّلا سعد الدين العثماني، رئيس الوزراء الذي كان الملك يعرفه جيدًا ، منذ أن كان وزيراً للخارجية.

ومنذ ذلك التاريخ ، كان الحزب الإسلامي في حالة انهيار داخلي. من الناحية الرسمية، تمتع بنكيران وعثماني بدعم ومساندة متواصلة من داخل الحزب، في المقابل كان التخلّي عن أحدهما لصالح الآخر بداية نهاية حزب العدالة والتنمية.
وخلف حالة الإجماع الظاهرة، يخفي المسؤولون التنفيذيون والناشطون الإسلاميون موقفهم الحقيقي الذي يعتبرون من خلاله أن القصر مدين لهم بعد كل ما فعلوه من أجل استقرار المغرب ونظامه الملكي من خلال عدم الانضمام في عام 2011 ، إلى “الربيع العربي” المغربي وبالمساعدة في نزع فتيل موجة الاحتجاجات التي جابت البلاد ” ، وفق OrientXXI.

فصل الدّين عن السّياسة

على عكس الجزائر التي استبعدت الإسلاميين من الحكم رغم الشعبيّة التي يحظون بها وتونس التي علّق فيها رئيس الجمهورية نشاط البرلمان ووضع حركة النهضة أمام مسؤولياتها، سلك المغرب استراتيجية آخرى، من خلال “اللعب سياسيا”، إذ دفع القصر نحو تغذية الصراعات داخل العدالة والتنمية وانتقال الناشطين فيه إلى حزب “العدل والإحسان” غير القانوني.

وتقول الباحثة Anca Munteanu، إنّ مايجمع العدالة والتنمية في المغرب وحركة النهضة في تونس أنّهما حكما منذ سنة 2011 بدرجات متفاوتة لكن رغم اندماجمهما في اللعبة السياسية لم يتمكّنا من تبيان الحدود بين الدّين والسياسة بشكل فعّال مما يجعلهما الآن وبعد خروجهما من السلطة أمام خيارين إمّا أن يصبحا كيانات سياسية أو أن يتلاشيا.

الخروج من نسخة الهاتف المحمول