قرّر مجلس القضاء العدلي، يوم أمس الأربعاء رفع الحصانة عن قاضية تم ضبطها وبحوزتها عملة أجنبية وتونسية وإيقافها فورا عن العمل.
وكانت دورية تابعة لفرقة الحراسة والتفتيشات الديوانية بالمنستير قد تمكّنت الثلاثاء 10 أوت 2021، على مستوى الطريق السريعة الرابطة بين الجم وصفاقس من ضبط القاضية التي تم انتدابها في 2012 وتعمل بإحدى محاكم الجمهورية التونسية خارج دائرة استئناف المنستير، وبإخضاع سيارتها للتفتيش تم العثور على كيس يحتوي على مبالغ هامة قدرت بحوالي مليون و500 ألف دينار بالعملة التونسية.
وبسماع القاضية المعنية، من قبل ممثل النيابة النيابة العمومية، أفادت بأنها لا علم لها بمقدار المبلغ ولا بطبيعته وقد تولت نقله على “سبيل الفضل لاغير”، فتم الإذن بحجز سيارتها وتحجير السفر عليها وإبقاءها في حالة سراح في انتظار استكمال الأبحاث والكشف علن حقيقة مصدر الأموال والمعاملة الحاصلة بين الطرفين.

لا يمكن الاستغناء عن الحصانة.. لكن

في هذا الإطار، أوضح أستاذ القانون العام شكري عزّوز لـ”JDD Tunisie”، اليوم الخميس 12 أوت 2021، القضاة يتمتعون بالحصانة من التتبّع الجزائي ولا يمكن الاستغناء عنها في ممارسة الوظيفة من المهام المناطة بعهدتهم وذلك تفاديا للخلط بين السلطة المتتبعة وسلطة التتبّع.
وأضاف أنّ النظام الجمهوري يقتضي الفصل بين السلط وبالتالي استقلالية السلطة القضائية عن كل الضغوطات سواء من دوائر السلطة أو خارجها مضيفا أنّ النظم القضائية في العالم تنص على حصانة القاضي وليس ذلك حكرا على تونس.
وفسّر عزّوز، أنّ الاشكال في تونس لا يكمن في الحصانة ذاتها بل في آليات التصرف فيها وتفعيلها ورفعها قائلا “هناك خلل هيكلي يجعل من مؤسسة الحصانة موجودة لكن عملية تفعيلها ومراقبتها ورفعها إما تحت سلطة غائبة أو مختلة”، وفق قوله.


وأشار إلى وجود بطء من المجلس الأعلى للقضاء في رفع الحصانة عن قضاة كان تورطهم واضحا في جرائم فساد ضخمة لكن تدخل مجلس القضاء العدلي في ملف القاضية التي ضُبط بحوزتها مبلغ مالي، كان فوريا بعد ضعط الإعلام والفايسبوك، وذلك دون احترام الإجراءات المنصوص عليها بالقانون الأساسي عدد 34 لسنة 2016 مؤِرخ في 28 أفريل 2016 المتعلق بالمجلس الأعلى للقضاء.
وبخصوص تضامن القضاة مع زميلتهم وتبسيط إمكانية ضلوعها في مساعدة شبكة تهريب، يقول شكري عزوز إنّ التضامن القطاعي أصبح خاصية في المجتمع التونسي ولا يهم القضاة فحسب وهو دليل قاطع عن غياب الدولة وسلطة إنفاذ القانون.

ماهي حصانة القاضي؟

يحظى القضاة التونسيون بحصانة تحميهم عند ارتكابهم مخالفات قانونيّة سواء في علاقة بأدائهم لوظائفهم أو خارجها، إذ ينصّ الفصل 104 من الدستور التونسي على أن “يتمتع القاضي بحصانة جزائية، ولا يمكن تتبعه أو إيقافه ما لم ترفع عنه، وفي حالة التلبس بجريمة، يجوز إيقافه وإعلام مجلس القضاء الراجع إليه بالنظر الذي يبتّ في مطلب رفع الحصانة”.

ووفق القانون عدد 29 لسنة 1967 المؤرخ في 14 جويلية 1967 المتعلّق بنظام القضاء والمجلس الأعلى للقضاء والقانون الأساسي للقضاة، فإنّ جميع القضاة من الصنف العدلي، سواء القضاة الجالسون أو أعضاء النيابة العمومية أو قضاة التحقيق يتمتّعون بالحصانة القضائية، إلى جانب القضاة من الصنف الإداري والقضاة من الصنف المالي في مختلف المحاكم والرتب.

من جهة أخرى، يبقى المجلس الأعلى للقضاء عنصرا أساسيا في عملية رفع الحصانة، إذ ينص الفصل 22 من القانون الآنف الذكر على أنه “لا يمكن بدون إذن من المجلس الأعلى للقضاء تتبّع أيّ قاض من أجل جناية أو جنحة أو سجنه، لكن في صورة التلبّس بالجريمة يجوز إلقاء القبض عليه فيعلم عندئذ المجلس الأعلى للقضاء فورا” الذي يجتمع ويقوم باستدعاء القاضي المعني وسماعه قبل اتخاذ قرار رفع الحصانة.