منذ إعلان رئيس الجمهورية قيس سعيد عن التدابير الاستثنائية يوم 25 جويلية الفارط، كان له أكثر من اتصال مع نظيره الجزائري عبد المجيد تبون الذي لم يكتفي بذلك بل أرسل في ثلاث مناسبات وزيره للخارجية رمطان لعمامرة للقاء سعيد وكان آخرها يوم أمس وسلمه رسالة خطية…وفي التقاليد الديبلوماسية الرسالة الخطية فإن رئيس الدولة مطالب بالإجابة عنها بنفس الطريقة…
الرئيس الجزائري أكّد مرارا وتكرارا وقوف الجزائر إلى جانب تونس في هذه الفترة الصعبة التي تمر بها البلاد وحسب بعض التسريبات المتداولة عبر الميديا الاجتماعية فإنه نبّه سعيد إلى وجود مخطّط يستهدفه ممّا جعل هذا الأخير يستبق الأمر بتفعيل الفصل الثامنين من الدستور…
ولكن الزيارة الأخيرة يبدو أنّ لها علاقة بالوضع في ليبيا التي تستعد الجزائر لاحتضان مؤتمر لوزراء خارجية بلدان الجوار في مواصلة للبادرة التي أطلقها وزير الخارجية السابق منجي الحامدي في حكومة مهدي جمعة والتي جمع فيها وزراء خارجية الجزائر ومصر والسودان والتشاد والنيجر في 4 مناسبات آخرها في نيويورك سنة 2014…
كما أنه من غير المستبعد أن تكون للزيارة علاقة بالتوتر القائم بين الجزائر والمغرب والذي تصاعدت حدته خلال الّأيام الماضية ، فبعد اتهام الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون المغرب بـ”الأفعال العدائية”، ندّد ملك المغرب محمد السادس، بـ”عملية عدوانية مقصودة” ضد بلاده “من طرف أعداء الوحدة الترابية”، دون أن يسميهم وهو يقصد بطبيعة الحال الجارة الجزائر التي لا تنظر بعين الرضاء إلى تطبيع العلاقات بين المغرب وإسرائيل…
تونس، العضو غير الدائم حاليا في مجلس الأمن الدولي، لازمت دوما الحياد والحذر فيما يتعلق بقضية الصحراء الغربية منذ اندلاعها سنة 1976 ولم تتخذ إلى حد الآن أي موقف من هذا التوتر القائم بين البلدين الجارين…
وللتذكير فقد سبق لرئيس الجمهورية قيس سعيد أن استقبل، يوم 27 جويلية الماضي، وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة الذي حمل معه رسالة شفوية من العاهل المغربي محمد السادس وذلك في نفس اليوم الذي استقبل فيه وزير الخارجية الجزائري.
هذا وللإشارة فإنّ المغرب التي ساعدت تونس في محنتها الصحية ودعّمتها خاصة بمستشفى ميداني وبتجهيزات طبية متنوعة، لا يزال سفيرها ينتظر إلى حد هذا التاريخ تحديد موعد له لتقديم أوراق اعتماده لرئيس الجمهورية.
ويبقى السؤال : هل ستلعب تونس دور الوساطة للتخفيف من حدة التوتر بين الجزائر والمغرب الذي قد يلقي بظلاله على الوضع في بلادنا؟