بقلم الدكتور الصحبي بن فرج

بداية هنيئا لتونس تلقيح 5٪ من شعبها في يوم واحد، وهنيئا لكل من جعل هذا التحدي والإنجاز ممكنا ولن يدخل علينا شهر أكتوبر إلا وقد تجاوزت نسبة التلقيح الخمسين بالمائة. ثانيا، لقد سقطت كل الأعذار السابقة وبلا رجعة:
*التونسيون يقبلون على التلقيح بل وتدافعوا من أجله
*والدولة قادرة على إدارة أزمة التلقيح ونجحت في ذلك 
*والجيش الصحي والإداري المدني والعسكري قادر على أن يؤمّن ملايين التلاقيح وقد فعل ذلك باقتدار.
ثالثا، بدأت تنتشر سردية غبية يتناقلها بعض الظرفاء، تقول بأن قيس سعيد عطل عمدا عملية التلقيح و “أخفى” التلاقيح وأخرجها يوم أمس لتحقيق كسب سياسي شخصي وتوظيف العملية لصالحه، وأن عملية أمس هي نفس عملية (فضيحة) يوم العيد التي “أفشلها” قيس،  هذه السردية الغبية، التي سيصدقها الكثير من الظرفاء، يكون الرد عليها بالوقائع:
1) التلاقيح بدأت في القدوم منذ شهر تقريبا بصفتنا دولة منكوبة عاجزة عن توفير الأكسجين والتلاقيح تحت قيادة حكومة فاشلة وحزام سياسي وغير مبال. هذه هي الحقيقة.
طيلة عشرة أشهر ، هذه الحكومة وذاك الحزام لم يقوموا بما يجب لاقتناء التلاقيح التي تعهدوا بها (ما يكفي لتلقيح ثلاث ملايين تونسي في آخر جوان)، ملايين الجرعات “بدأت” في الوصول منذ شهر وعلى دفعات ولم تكتمل إلا خلال الأسبوعين الفارطين.
وفترة أسبوعين هي أدنى فترة ممكنة للتخطيط جيدا وتنفيذ حملات تلقيح مليونية، بدون اعتبار الوضع الأمني والاستثنائي الذي تمر به تونس بالتالي لا إخفاء ولا تعطيل وإنما هو فشل سابق مريع ومحاولة تبرير أكثر فشلا.
2) فضيحة يوم العيد، وقعت لأن رئيس الحكومة السابق، وجد في يوم التلقيح المفتوح فرصة ذهبية لإحراج الرئيس وإقالة وزير الرئيس (وليس فرصة لتلقيح أكبر عدد ممكن من التوانسة) ولا فائدة من ذكر التفاصيل لأنها فعلا فضيحة، التدافع كان يومها بدون تأطير أمني متعمد، وبدون تلقيح بينما أمس وقع تدافع (وهذا سيء طبعا) تحت تأطير الأمن و مع تلقيح 550 ألف تونسي …….وهنا يكمن الفرق
3) نأتي الآن إلى التعطيل و التوظيف
*كيف عطل قيس سعيد استجلاب التلاقيح؟ هل منع مثلا وزير المالية من صرف الاعتمادات المالية اللازمة لاقتناء التلاقيح؟ هل منع الرئيس وزير الصحة من شرائها واستقدامها؟ هل منع رئاسة الحكومة من النزول بثقلها لتوفيرها عندما عجز الوزير؟ هل عطّل وأخّر تقديم ملف تونس إلى منظومة كوفاكس؟ هل أخّر المصادقة على قانون مسؤولية الدولة أمام مجلس الوزراء؟ هل هو المسؤول على إحالته إلى مجلس النواب في شهر فيفري ؟(وهو التأخير الذي تسبب في تأخير قدوم تلاقيح منظومة كوفاكس)؟ من الذي عطّل حقيقة؟ الرئيس أم الحكومة السابقة تحت أنظار حزامها غير المبالي؟ 
*ما الذي منع السلطة السابقة طيلة عشرة أشهر من القيام بنفس الفعل : تلقيح الملايين من التونسيين في الوقت المناسب و……توظيف ذلك شعبيا و سياسيا واقتصاديا؟ لا شيء يمنع سوى أنها كانت خارج الزمان والمكان والميدان
الاستثمار الوحيد الذي يقوم به الرئيس حاليا هو استثمار عشرة أشهر من فشل الحكومة السابقة بحزامها وتراخيها في تحقيق إنجاز كان من المفروض والمنطقي أن تحققه طيلة مرحلة البلاء والوباء و…….الغباء
على الأقل لا تنغّصوا على الشعب  التونسي إحساسه بأنه عاش ولو ليوم واحد في دولة محترمة، وأعملوا على أن يشارك أنصاركم فرحة هذا الشعب بدل مغالطتهم وتأليبهم على الوضع القائم.