تُشارف الفترة الاستثنائيّة التي أعلن عنها رئيس الجمهوريّة مساء 25 جويلية 2021، على الانتهاء، حوالي 30 يوما أقال خلالها سعيّد جملة من الولاة والوزارء كما وُضع مسؤولون سامون ونوّاب قيد الإقامة الجبرية وأودع آخرون السجن بعد تفيعل الفصل 80 من الدستور.
هذه الوضعيّة أثارت جدلا قانونيا وسياسيا خاصّة فيما يتعلّق بسير مؤسسات الدولة وإمكانية إعلان تنظيم مؤقّت للسلط.

هل تحتاج تونس تنظيما مؤقتا للسلط؟

في هذا الإطار، أوضح أستاذ القانون الدستوري عبدالرزّاق المختار لـ”JDD Tunisie”، اليوم الأحد 22 أوت 2021، أنّه يتم اللجوء للتنظيم المؤقت للسلط العمومية عندما يصبح النظام الدستوري غير ملائم مع الوضع العام بسبب لحظات تاريخية فارقة، كالثورة أو الانقلاب أو تحوّل سياسي كبير، أي أحداث يصبح فيها التنطيم المعاش غير قادر على إدارة المسألة السياسيّة والواقع الجديد، وفق قوله.

وفيما يتعلّق بالوضع الحالي، ما بعد 25 جويلية 2021، يعتبر المختار أنّ تونس لا تحتاج في الوقت الراهن إلى تنظيم مؤقت للسلط باعتبار وجود دستور 2014 مشيرا إلى أنّه إذا كان هناك أي انتقادات للنص فيما يخصّ نقائصه فإنّه يمكن اللجوء إلى تعديل الدستور بمبادرة من رئيس الجمهورية.


تجدر الإشارة إلى أن تونس عرفتْ في السنة الأولى للثورة تنظيميْن مؤقّتيْن للسّلط العمومية سُمّيا بـ“الدّستور الصغير”، مصطلح استُعمل في بولونيا منذ سنة 1919، وتمت استعارته في تونس سنة 2011 من قبل عدد من أساتذة القانون الدستوري.

صدر التنظيم الأوّل بموجب المرسوم عدد 14 لسنة 2011 مؤرخ في 23 مارس 2011، عقب تعليق أحكام دستور 1959 استجابة لمطالب المعتصمين بالقصبة، وبعد حلّ مجلس النواب ومجلس المستشارين والمجلس الاقتصادي والاجتماعي والمجلس الدستوري.
وحدّد مهام رئيس الجمهورية ومهام الحكومة والوزير الأول آنذاك ودور السلطة القضائية والجماعات المحلية، كما أكّد على الصبغة المؤقتة له من ناحية وعلى عدم ترشّح الفاعلين السياسيين للانتخابات القادمة.

وصدر الثّاني عن المجلس الوطني التأسيسي على صيغة قانون تأسيسي عدد 6 مؤرخ في 16 ديسمبر 2011 يتعلق بالتنظيم المؤقت للسلط العمومية وتمّ بمقتضاه نهائيّا إلغاء دستور 1959.

“على المقاس وبالمقاس”

وفسّر عبد الرزاق المختار، ذهاب رئيس الجمهوريّة قيس سعيّد، نحو تنظيم مؤقت للسلط بعد تعليق غير معلن لدستور 2014 مساء 25 جويلية يهدف إلى الخروج من مأزق الفصل 80 الذي حشر نفسه داخله، وفق قوله.



وأضاف أنّ الرئيس سعيّد يريد ممارسة سلطات واسعة في هذه الفترة الاستثنائية التي تعطّلت فيها دواليب الدولة لكنّ وجد قيودا داخل دستور 2014 لذلك فهو يريد نصّا على المقاس وبالمقاس مشيرا إلى التنظيم المؤقت الذي جاء عقب ثورة 2011 جاء في إطار تصور جماعي ونقاش مفتوح مع كل الفاعلين في حين أنّنا لم نلاحظ أن سعيّد استشار أي طرف سواء من الخبراء أو ممثلي المنظمات الوطنية.
وشدّد على أنّ تعيين رئيس حكومة جديد يفرض على الرئيس المرور بالبرلمان لحصول التصويت والتزكية، في حين أنّ قيس سعيد يفضل تعين وزير أول، وبالتالي فهو مطالب بتغيير قواعد اللعبة حتى يواصل “لاعبا رئيسيا” أو “وحيدا” في المشهد، وفق وقله.