على إثر القرار القاضي بوضع الرئيس الأسبق للهيئة الوطنية لمكافحة الفساد شوقي الطبيب يوم الجمعة 20 أوت 2021 تحت الإقامة الجبرية، قام فريق الدفاع عن الطبيب ، المتكون من العميد ابراهيم بودربالة وعمداء آخرون من الهيئة الوطنية للمحامين بالطعن في القرار الأخير وذلك لتعارضه مع الحقوق والحريات ” ووضع حد لتجاوز السلطة”.
قرار الإقامة الجبرية يتّسم ” بعيب الاختصاص ”
جاء في نص الدعوى التي تمّ الاستشهاد فيها بعديد الفصول والنصوص القانونية الرامية بالحالات التي يمكن القيام فيها بدعوى تجاوز السلطة، وذلك تبعا لنص الفصل السابع من القانون عدد 40 لسنة 1972 الذي ينص عن الحالات التي يمكن فيها القيام بدعوى تجاوز السلطة وهي: عيب الاختصاص، خرق الصيغ الشكلية الجوهرية، خرق قاعدة من القواعد القانونية، والانحراف بالسلطة أو بالإجراءات.
وأكّد على أن القرار المطعون فيه مخالف للشرعية والقانون، وفيه إفصاح عن إرادة منفردة بقصد إحداث أثر قانوني ، كما أشار أن القرار الأخير قد ألحق أذى بالطاعن الذي أدّى به إلى حالة من عدم الاستقرار بفعل التغيير الفجئي في خطة عمله.
وأشار فريق الدفاع عن شوقي الطبيب في نص الدعوى أن قرار الإقامة الجبرية مخالف للدستور وانحرف بالإجراءات مخالف لقرينة البراءة، وأقر أن عيب الاختصاص قد يتخذ شكل عيب الاختصاص الشخصي أو المادي أو الزمني، وهو من العيوب الجسيمة التي تنحدر بالقرار إلى درجة المعدومية.
وعلل فريق الدفاع حجته بالقرار عدد 11435 الصادر في 5/ 01/ 2010 حيث اعتبر أن المقررات الإدارية المشوبة بعيوب جسيمة من عيوب اللاشرعية لا تكون فقط لاغية وإنما تنحدر إلى درجة المعدومية، ونفس الموقف تبنته المحكمة الإدارية في القرار عدد 126295 الصادر في 5/5/2016.
الجهة التي أصدرت قرار” الإقامة الجبرية” غير مختصة بذلك
تم تعليل نص الدعوى بسبين، ذكر أوّلهما أنه تمّ مخالفة الفصل 5 من الأمر عدد 50 لسنة 1978 المؤرخ في 26 جانفي 1978 والمتعلق بتنظيم حالة الطوارئ.
إلى جانب ذلك، يخالف الأمر عدد لسنة 1978 الفصلين 24 و49 من الدستور، إذ ينص الفصل 24 من الدستور على أنه: لكل مواطن الحرية في اختيار مقر إقامته وفي التنقل داخل الوطن وله الحق في مغادرته، غير أنه وبالرجوع إلى أحكام الأمر عدد 50 يتضح أن فصله السادس يمكن وزير الداخلية من ضرب قيد على حرية تنقل الأشخاص عبر آلية وضعهم تحت الإقامة الجبرية التي تتجسد في منعهم من مغادرة مقرات إقامتهم أو منعهم من مغادرة دائرة ترابية محددة.
وينص الفصل 49 من الدستور “يحدد القانون الضوابط المتعلقة بالحقوق والحريات المضمونة بهذا الدستور وممارستها بما لا ينال من جوهرها. ولا توضع هذه الضوابط إلاّ لضرورة تقتضيها دولة مدنية ديمقراطية وبهدف حماية حقوق الغير أو لمقتضيات الأمن العام أو الدفاع الوطني أو الصحة العامة أو الآداب العامة وذلك مع احترام التناسب بين هذه الضوابط وموجباتها”…
أما عن السبب الثاني فيتعلق بمخالفة الفصل 89 من الدستور
حيث نص الفصل 89 من الدستور على أنه “تتكون الحكومة من رئيس وزراء وكتاب دولة يختارهم رئيس الحكومة وبالتشاور مع رئيس الجمهورية بالنسبة لوزارتي الخارجية والدفاع:
ويتضح من ذلك أنه لا مجال للزيادة على ما نص عليه الدستور بخصوص تركيبة الحكومة , إذ لا صلاحية لرئيس الجمهورية في تنقيح أحكام الدستور بالإضافة أو بالإلغاء , أو بزيادة أصناف إدارية جديدة أو وظائف غير منصوص عليها كما لا يمكنه تعيين أو سد الشغورات في الوظائف العليا خارج ما هو محدد له ضمن صلاحيته.
وأشار أن الأمر الرئاسي عدد 81 لسنة 2021 كان خارقا لقواعد توزيع الاختصاص الدستورية من جهة تدخله في تعيين مكلف بوزارة الداخلية أي خارج وزارات تعهده الدستورية من جهة, كما أن لا وجود بالمنظومة القانونية التونسية لمنصب مكلف بتسيير وزارة.فلا يوجد في السلم الإداري ولا بمنظومة الحكم الدستورية لوظيفة عليا هي المكلف بالتسيير, وعليه فإن تدخل رئيس الجمهورية عبر أمر رئاسي خارج مجال اختصاصه وعبر استحداث مؤسسة غير دستورية ومن خلال تكليف شخص في وظيفة غير معروفة في التنظيم الإداري التونسي تعد كلها خروقات جوهرية يتجه معها استبعاد تطبيق النصوص المشار إليها والتصريح بعدم شرعيتها وخرقها البين للقانون وترتيب الأثر القانوني.
وتبعا لذلك يُشار إلى خرق واضح للدستور وعيب الاختصاص ومعدومية القرار المطعون فيه الذي صدر واستند لتلك النصوص.