بلغ عدد التّونسيين الّذين وصلوا إلى الضفّة الشماليةّ للمتوسّط عبر رحلات الهجرة غير النّظامية، خلال الستّة أشهر الأولى من سنة 2021، حوالي 2962 تونسيّا من بينهم 77 امرأة و703 قاصرا.

أغلب المهاجرين من القصّر غير مرافقين، 51 قاصرا فقط مرافق لعائلته و652 طفلا يركبون قوارب الموت لوحدهم.

يمثّل القصّر (سنّهم دون 18 عاما) حوالي 23.6 بالمائة من عدد المهاجرين غير النّظاميين، أي تقريبا الربع، حيث أكّد رمضان بن عمر رئيس المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية في تصريح لموقع JDD Tunisie أنّ ظاهرة هجرة القصّر ليست جديدة لكنّها استفحلت بشكل كبير في السّنوات الأخيرة حيث سجّلنا رقما قياسيا نهاية الأسبوع الماضي بوصول 170 قاصرا إلى السّواحل الإيطالية.

أسباب عديدة

أفاد بن عمر بأن أسباب هجرة القصّر لا تختلف عن الأسباب التي تهاجر من أجلها بقية الفئات العمرية وهي بالأساس مرتبطة بالوضع الاقتصادي والاجتماعي بتونس، والّذي عمّقته جائحة كورونا إضافة إلى أسباب أخرى مرتبطة بالوضع السياسي وما تشهده الساحة من صراعات خلقت حالة من الإحباط لدى التّونسيين.

وأشار إلى أنّ هذه الأوضاع خلقت حالة من عدم الثقة والغموض في المستقبل إضافة إلى الوضع الصحي باعتبار أنّ الدّولة تخلّت عن فئات عديدة وكأن الحقّ في الصّحّة أصبح غير مضمون، وهو متاح للفئات المرفّهة ماديّا والقادرة على العلاج بالمؤسسات الصحيّة الخاصّة.

وأضاف أنّ الدّولة أجبرت الرّاغبين في الهجرة غير النّظامية على التفكير في الحلّ الفردي والتخلّي عن الحلّ الجماعي الّذي لم يعد مجديا.

أسباب خاصّة بالقصّر

قال رمضان بن عمر إنّ هناك أسبابا أخرى خاصة بالقصّر تتمثّل في الانقطاع المبكرّ عن الدّراسة خاصّة وأنّ الظاهرة تواصل الارتفاع حيث لا يقلّ عدد المنقطعين عن الدّراسة سنويا عن 100.000 تلميذ.

وأضاف أنّ الدّولة لا تستقطب عددا كبيرا من المنقطعين عن الدّراسة في منظومة التّكوين المهني باعتبار أنّ طاقة استيعابها محدودة وبالتالي فإن مصيرهم يكون إمّا بالاقتصاد الموازي أو الجريمة أو العنف أو شبكات الهجرة غير النّظامية.

مؤسسات حماية الطّفولة

حدّد محدّثنا الإشكالية في المؤسسات المعنية بحماية الطفولة وإدماجهم ومرافقتهم باعتبار أنّ هؤلاء القصّر مكانهم مقاعد الدّراسة وليس قوارب الموت، حيث تمرّ هذه المؤسسات بصعوبات نتيجة سياسات خاطئة من الدّولة في علاقة بتجميد الانتداب بالوظيفة العمومية.

وكانت وزارة المرأة والأسرة والطفولة أصدرت مرسوما بغلق أكثر من 50 مؤسسة لحماية الطفولة في سنة 2019 نتيجة غياب العنصر البشري المشرف والمؤطّر والمنشّط بسبب إغلاق باب الانتدابات وهو مؤشر خطير.

وضعية العائلات التونسية

تعاني أغلب العائلات التّونسية في الوقت الحالي من ظروف اقتصادية واجتماعية صعبة زادتها جائحة كورونا صعوبة ما أدّى إلى انعدام ثقتها بالمصعد الاجتماعي المتمثّل في التّعليم وبالتالي فإن مقاومتها لمشروع الهجرة غير النّظامية انخفضت كثيرا.

وأفاد بن عمر بأن الفضاء الاجتماعي الخارجي يسوده العنف والجريمة والممنوعات فالعائلة الآن أصبحت في بعض الأحيان تموّل هجرة أبنائها وقد تبحث لهم داخل العائلة عن شبكات تضمن وصولهم والانطلاق في حياتهم الجديدة في أفضل الظّروف.

فئة غير معنية بالترحيل

كما قال رمضان بن عمر إنّ الفئة العمرية أقل من 18 سنة أصبحت تعرف جيّدا أنّ السّلطات الأوروبية لا ترحّل القصّر لدى وصولهم إلى أراضيها وهم محميّون بالقانون الدّولي.

وتابع “سلطات بلد الاستقبال مطالبة بالتكفّل بهم وإعادة تكوينهم وإدماجهم في المجتمع مشيرا إلى أنّ هذه الأرقام ستشهد ارتفاعا خلال الفترة القادمة.