طالب الأميرال المتقاعد كمال العكروت الأربعاء 21 جويلية في رسالة مفتوحة موجّه إلى رئيس الجمهورية قيس سعيّد، بتفعيل الفصل 80 من الدستور.
وحذّر العكروت من أنّ الوضع كارثي لا يمكن أن يتواصل فقد ساءت حالة العباد والبلاد ولابد من مبادرات لإيقاف هذا السقوط نحو الهاوية قائلا إن هذا الطلب حتمته مسؤوليته كمواطن واعتمادا على تجربته وتكوينه وفق قوله.
وأرجع الأميرال المتقاعد ما آلت إليه الأوضاع بتأكد تواصل الصراع المحموم على السلطة على حساب صحة وحياة التونسيين، وآخرها “الدعوة المفتوحة للتلقيح وما ترتب عنها من محاولة تسجيل نقاط وسط رائحة الموت وهو الشيء الذي يثبت مرة أخرى فشل إدارة السلطة للوباء”.
وأضاف “في هذا الوضع الكارثي يستغل كل ضعف الدولة بطريقته رشوة، وعنف، وسلب، وسرقة، وهتك للأعراض، وتعدّ على الغير وعلى ممتلكاتهم، وبناء فوضوي … وكل هذا على مرأى ومسمع من الجميع ومن دون ردع وعقاب… نحن في صدد بناء مافيات وميليشيات ومجموعات إجرامية خارجة عن السيطرة”.
تفعيل الفصل 80
وفي هذا الإطار، أعاد العكروت نشر مختصر لما جاء في رسالة سابقة وجهها إلى رئيس الجمهورية فيس سعيد:
رسالة مفتوحة إلى السيد رئيس الجمهورية
سبق لي في عديد المناسبات التنبيه إلى خطورة الوضع الصحي وما يترتب عن ذلك من ضرورة إعداد العدة لإدارة الحرب على هذه الجائحة الخطيرة والمدمرة وتحمّل كل الأطراف مسؤولياتها الدستورية والسياسية والأخلاقية.
القيادة السياسية تَركت “الجيش الأبيض” لوحده في ميدان المعركة، قيادة الحرب التي يُفترض أن تقودها هي تركتها لتتفرّغ لمعارك السلطة والتعيينات والغنيمة والتعويضات المالية والابتزاز وتصفية حساباتها السياسية الخاصة وسط سقوط أخلاقي كبير.
تركت الشعب التونسي في مواجهة الموت والمرض والخصاصة والخوف.
هذه الحرب غير العادية تديرها وزارة الصحة والبعض من الوزارات بآليات وإجراءات قانونية عادية، وبقيادة سياسية متعدّدة الرّؤوس ومتناثرة وهي حرب تثير في الأذهان خذلان قوم موسى له لمّا قالوا
.”فَاذْهَبْ أَنتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ”
قيادات تتخاصم على التسوّل المهين الذي يرفعه “ذُبابها” على “أسنّة الرِماح” كإنجاز وطني يفتخر به.
السيد رئيس الجمهورية
الدستور أعطاكم صفة رئيس الدولة بما يترتّب عن ذلك من مسؤوليات جسيمة. إنّ تونس تواجه أخطر حرب في تاريخها المعاصر ولن أضيف جديدا إذا قلت إنّ كلّ الحروب تخوضها قيادة موحّدة تحت إمرة رئيس الدولة وخطّة مُحكمة وتعبئة كلّ إمكانيات الوطن بآليات إستثنائية في إطار وحدة وطنية.
السيد رئيس الدولة
هل هناك خطر داهم يهدّد كيان الوطن وأمن البلاد اكبر من هذا الخطر الوبائي الذي أفنى أرواح آلاف التونسيين ودمّر مقدّرات المجموعة الوطنية؟ حرب من اكثر الحروب التي عرفتها تونس فتكًا بالارواح!
لكلّ ذلك، أدعوكم السيد الرئيس الى:
*تفعيل الفصل 80 من الدستور (بعيدا عن التجاذبات السياسوية)، وإعلان الحرب على هذه الجائحة بما يتطلبه ذلك من مسؤولية وطنية.
*اعلان مجلس الأمن القومي في حالة انعقاد ووضع كل أجهزة ومقدرات الدولة تحت تصرّفه في إطار خطّة محكمة ومتكاملة.
*اعلان التعبئة العامة لكل موارد و طاقات البلاد البشرية والمادية ( ومنها دعوة الكفاءات في الداخل والخارج والمتقاعدين من إطارات ومسؤولين سابقين …)
*تكييف كل أجهزة الدولة الحكومية وغيرها لمواكبة وتنفيذ الخطّة الوطنية لمواجهة جائحة الكورونا.
*تثمين دور المجتمع المدني والتونسيين في الداخل والخارج ،والقطاع الخاص والاعلام للمشاركة في إنجاح الخطة الوطنية المذكورة.
إنّ إدارة الحكم والتسيير ليسا تشريفا بل مسؤولية دستورية وسياسية وقانونية واخلاقية تستدعي التقييم والمسائلة.
إنّه وبعد تجاوز هذه الظروف المأساوية والصعبة يستدعينا
الوضع لاستخلاص الدروس من حُكْمِ هذه المنظومة الفاشلة والعاجزة التي وظّفتها الطبقة السياسية كغنيمة ولتدمير ما تبقّى من مكاسب وطنية.
التجربة بيّنت مرّة أخرى أنّه دون لقاء وطنيا كبيرا لتغيير موازين القوى فإنّه لا أمل لنا للخروج من هذا الانحدار والسقوط.
الاميرال (م) كمال العكروت