صحيفة الأحد – Jdd Tunisie

التلقيح ضد كورونا: فجوة خطيرة بين الأغنياء والفقراء

أشارت الصحيفة الفرنسية “لوموند” في تقريرها حول توزيع التلاقيح في العالم، أنه بينما يلوح خطر تهديد السلالات الجديدة المتحورة لفيروس كورونا، لا يزال الوصول إلى اللقاحات يتميز بعدم المساواة وفشل نظام المساعدات للدول الفقيرة.

كما ذكرت “لوموند” أن البلدان الغنية لديها ما يصل إلى 3.3 مليار جرعة من اللقاح، لم يتم إعطاء سوى 1 بالمائة منها للبلدان الفقيرة.

وكشفت دراسة أجريت مؤخرا، أنه لن يتم تطعيم جميع الناس على هذا الكوكب تطعيما كاملا قبل سنة 2023، ويجب توفير 11 مليار جرعة من التلقيح لتطعيم كافة سكان العالم.

Vaccination : la grande fracture Nord­Sud

90 بالمائة من الدول الإفريقية بعيدة عن هدف التطعيم

أما في أفريقيا، فأقل من 2 بالمائة من السكان محصنون (جزئيا) ضد فيروس كورونا.

وحسب منظمة الصحة العالمية، تعاني القارة الإفريقية من أدنى معدل للتطعيم ضد كورونا مقارنة بكافة قارات العالم، فتسع من كل عشر دول أفريقية ستفشل في تحقيق هدف سبتمبر، القاضي بتطعيم 10 بالمائة من سكانها.

كما تم تجاوز 4 ملايين حالة وفاة بكورونا، والأرقام تقديريا ناقصة، وفق تصريح رئيس منظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم، الذي حذر من عودة انتشار الوباء في عديد من بلدان العالم، بينما المتحور دلتا الأكثر عدوى ينتشر مثل النار في الهشيم على هذا الكوكب، والعالم الآن في نقطة خطيرة من هذا الوباء”.

مظاهرة للمطالبة بنشر لقاحات فيروس كورونا في بريتوريا، جنوب أفريقيا، في 25 جوان

ما هي أسباب هذا الانقسام بين شمال وجنوب العالم؟

اعتبر المحلل السياسي والأستاذ بالجامعة منير الشرفي، أن الفجوة بين الدول المتقدمة والدول الفقيرة موجودة منذ القدم وفي كل المجالات، لذلك فأنه من غير المستغرب أن نلاحظ هذه الفجوة اليوم على مستوى التمتع بالتلاقيح، لكن ما يعتبر جديدا اليوم هو أن العالم الغني كان يمكن أن يبقي على هذه الفجوة في المجال المالي والاقتصادي فقط، لكن في المجال الصحي فذلك مستغرب وغير عادل، لأن المجال الصحي مسألة حياة أو موت وهو متعلق بقيمة الإنسان، حسب قوله.

وأكد الشرفي أن هذا غير مقبول، معتبرا أنه إجرام في حق الفقراء، باعتبارهم ذات بشرية “إنسان” وليسوا مادة، فالصحة من المفروض أن تكون حق للجميع، باعتبار أن الإعلان العالمي لحقوق الإنسان أكد على “أن الصحة حق لكل إنسان في العالم”.

أسباب اقتصادية 

“أزمة الكوفيد بينت بوضوح أنانية الدول الكبرى والقوى العظمى، تجسدت من خلال غياب التضامن خاصة تجاه البلدان الأفريقية والبلدان الفقيرة عموما، كما تجسدت هذه الأنانية في غياب العدالة في توزيع التلاقيح”، هكذا استهل حديثه الخبير الاقتصادي والوزير الأسبق محسن حسن لـ ” JDD Tunisie “ للتفسير هذه الظاهرة.

وأشار حسن، أن بعض البلدان التي تمكنت من تطعيم غالبية شعبها وصولا إلى مرحلة تلقيح الأطفال، في حين أن البلدان الفقيرة غير قادرة على توفير التلاقيح للفئات ذوي الأولية.

وتتمثل الأسباب في غياب التضامن وأنانية القوى العظمى، إضافة إلى سبب آخر يتعلق بلوبيات الصناعات الدوائية التي هي خطيرة و”خطيرة جدا”، لأن هذه اللوبيات تحكمها مصالح وتحكمها منافع وبالتالي هذه اللوبيات توزع هذه التلاقيح والدواء عموما وفقا لمصالحها ومنافعها الخاصة، وفق الاقتصادي محسن حسن.

الخبير الاقتصادي والوزير الأسبق محسن حسن

الحلول 

كيف يمكن مقاومة هذه الظاهرة؟ يجيب الخبير الاقتصادي محسن حسن، بأن الدول الفقيرة مطالبة أولا بالتكتل والضغط من خلال العمل على المستوى القاري سواء كان على مستوى الاتحاد الأفريقي أو غيره، ويمكن أيضا العمل على المستوى الإقليمي مثل المستوى المغاربي ليقع التفاوض مع مصنعي اللقاح بصفة المجموعة.

ثانيا على مستوى الدول، يجب تفعيل الديبلوماسية بأقصى سرعة، ودليل على نجاعة هذه الطريقة هي لجوء تونس في الفترة الأخيرة إلى تفعيل الديبلوماسية التونسية التي مكنتنا من جلب كميات كبيرة من التلاقيح.

ثالثا، الذهاب نحو التصنيع، مثل المبادرات التي أطلقتها المغرب ومصر، كما أن التنسيق بين الدول سواء كانت عربية أو أفريقية هو خطوة ضرورية في مجال تصنيع التلاقيح.

هذا وأكد محدثنا، أن كل الدول الفقيرة يجب أن تضغط من أجل انتزاع الحق في الملكية الفكرية للتلاقيح، بمعنى أن الملكية الفكرية للتلاقيح تصبح متاحة للجميع، لكي يتمكن كل بلد من إنتاج حاجاته، وذلك من خلال الضغط على المنظمة الدولية للتجارة بما أنه حق مشروع للدول الفقيرة خلال فترة الأزمات والجوائح أن تستفيد من المجهود العالمي للملكية الفكرية للتلاقيح.

من جهته حذر فلورنس ديبار، باحث في المركز الوطني الفرنسي للبحث العلمي، “أنه لن ينتهي أمر الوباء حتى ينتهي في كل مكان في العالم “.

تونس والتلاقيح

بالنسبة إلى تونس فهي تعد خامس بلد أفريقي من حيث عدد الملقحين ضد فيروس كورونا بتلقيح أكثر من 1,5 مليون شخص حتى الآن والثاني بشمال إفريقيا بعد المغرب وذلك خلافا لما يروج بشأن بطئ نسق الحملة الوطنية للتلقيح، حسب تصريح لوزير الصحة فوزي المهدي في 18 جوان الجاري.

لكن آخر الأرقام حسب وزارة الصحة تشير إلى أن عدد التونسيين الذين استكملوا التلقيح 65494 إلى حد يوم الثلاثاء 13 جويلية الجاري.

وفي هذا السياق أرجح أستاذ الاتصال السياسي منير الشرفي، أن مسألة عدم توفير التلاقيح الكافية ليست مسألة فقر، بل هو سوء تصرف من الحكومات وعدم مبالاتها إزاء صحة مواطنيها. 

متابعا: ” تونس لا تملك اليوم التلاقيح الكافية ليس لأسباب عدم توفر المال، بل لسبب عدم تقديم مطالب جلب التلاقيح في الوقت المناسب، من جهة أخرى دول العالم الثالث بصفة عامة، تحكمه أنظمة غير ديمقراطية، لا تفكر في صحة المواطن التي تعتبر أهم حق لكل إنسان”. 

الخروج من نسخة الهاتف المحمول