عاصمة الأغالبة، هكذا عُرفت مدينة القيروان فهي أول مدينة إسلامية تأسست بالمغرب سنة 670م كما أنها من أهم المدن في أفريقية التي ساهمت في التعريف بالحضارة العربية الإسلامية وترسيخ قيمها عبر العصور.


مدينة عقبة ابن نافع أو رابعة الثلاث استقطبت في العهد الأغلبي خلال القرن التاسع ميلادي علماء بارزين من إفريقية والمشرق باعتبارها منارة علمية وثقافية وكانت وجهة لطلبة العلم والمعرفة على غرار فاتح صقلية ورجل الفقه والقضاء أسد بن فرات والإمام سحنون بن سعي عمدة وفقيه المذهب المالكي الذى يحظى بمقام خاص في القيروان يعرف بمقام “الإمام سحنون” تقديرا لمكانته العلمية والدينية.


ضحايا كورونا بالجملة


على النقيض تماما، اليوم أضحت القيروان إحدى أكثر الولايات التونسية فقرا وتحتل المرتبة الأولى الوطنية في عدد حالات الانتحار ومحاولات الانتحار.


القيروان لم تكتف من معاناتها من الفقر والتهميش طيلة عقود طويلة، اليوم انتشر فيها الوباء وأهلك عددا كبيرا من سكانها، فمشهد تشييع الجنازات أصبح مشهدا مألوفا لسكان الولاية “المنكوبة” الذين أصبحوا يقبلون العزاء في كل وقت وحين.


تعلو أصوات ترتيل القرآن في كلّ شارع من شوارع القيروان، فالجهة لم تحظى بالرعاية الكافية قبل وبعد الثورة ، فالجميع تخلى عنها، والسياسيون تنكّروا لوعودهم الانتخابية.

مشاهد مؤلمة

درجة الإنذار بولاية القيروان بلغت مستويات مرتفعة جدا، فالوضع الصحي حرج وأسرّة الإنعاش ممتلئة، حيث يتمّ تحويل المصابين إلى جهات مجاورة، في ظل التفشي السريع للفيروس، كما تم إرسال مصابين حالتهم خطيرة إلى مستشفيات في ولايات أخرى، مثل صفاقس وتونس العاصمة وسوسة.


لم تعد في القيروان أسرة شاغرة في المستشفيات، إذ بلغت أقصى طاقتها الاستيعابية، وهي 21 سريراً مخصصاً للإنعاش، و200 سرير لتزويد من يعانون ضيق التنفس بالأوكسجين‎.

وتسجل القيروان متوسط إصابات يفوق 300 إصابة يوميا، وفق إحصاءات الإدارة الجهوية للصحة، إضافة إلى معدل 8 وفيات يوميا في المستشفيات دون احتساب الوفيات في المنازل.

الإطار الطبي وشبه الطبي أنهك تماما

قلة الوعي

لا يمكن توجيه اللوم للدّولة وتحميلها المسؤولية كاملة في ما وصلت إليه القيروان من وضع وبائي صعب، فالمواطن بدوره يتحملّ جزءا هامّا من المسؤولية، حيث غاب الوعي بخطورة الوضع الوبائي لدى عديد المواطنين وأقيمت الحفلات الخاصة بحضور المئات دون أي تقيّد بالإجراءات الصحية.


عدد كبير من المواطنين واصلوا في استهتارهم ولم يمتثلوا لقرارات اللجنة الجهوية لمجابهة الكوراث والقاضي بفرض حجر صحي شامل بالمدينة بعد تجاوز معدل الإصابة الـ 400 حالة عن كل 100 ألف ساكن.

في الأثناء، تواصل الأسواق الأسبوعية انتصابها ويواصل المواطن التبضع منها دون احترام التباعد الجسدي، كما لم تختف الطوابير الطويلة أمام مراكز البريد والبنوك خاصّة خلال فترة تسلم الرواتب


الكهرباء زادت الطين بلّة

انقطع التيار الكهربائي مساء السبت على عدد من الأحياء بمدينة القيروان، و تواصلت مدّة انقطاعه لأكثر من ساعة، وعاد قبيل آذان الفجر.


الحادثة ليست الأولى من نوعها، فقد جدّت حادثة مماثلة منذ أيام قليلة سببها “طائر” اخترق خيوط الكهرباء وتسبب في انقطاع التيار ما أدّى إلى وفاة شيخ كان يستعمل جهازا للتنفس الاصطناعي.


وعبّر الأهالي عن غضبهم بسبب تكرر انقطاع التيار ودعوا الشركة التونسية للكهرباء و الغاز ، إلى تفادي مثل هذه الحوادث التي من شأنها أن تمثل خطرا كبيرا على مرضى كورونا ومستعملي أجهزة التنفس الاصطناعي.