شكّلت مناقشة اتفاقية ضمان قرض بالبرلمان، لفائدة المجمع الكيميائي التونسي لتوريد مواد أولية على غرار الفسفاط، صدمة لكافة التونسيين باعتبار أن تونس كانت إلى وقت قريب تصنّف في المراتب الأولى عالميّا في مجال الفسفاط الطبيعي والسماد العضوي.


وتبلغ قيمة القرض حوالي 50 مليون دولار (حوالي 150 مليون دينار)، وردت في صيغة مرابحة بضمان من الدولة التونسية، يُسدّد على امتداد سنة من تاريخ أول عملية سحب.


بعد أن كانت ثالث منتج لمادة الفسفاط عالميّا في 2010 بإنتاج يفوق 8.3 مليون طن، تراجع الإنتاج إلى حوالي 3 ملايين طن فقط وفق الأرقام الرسمية لسنة 2020 لأسباب تشغيلية واحتجاجات بمدن الحوض المنجمي، مطالبة بالتشغيل.


كما تراجع الإنتاج بحوالي 88 بالمائة خلال شهري جانفي وفيفري بعد توقف تام دام أشهرا، لجأت على إثره تونس إلى توريد شحنة من الفسفاط من الجزائر لأول مرة في تاريخها في أوت 2020.


تاريخ الفسفاط

يعود اكتشاف الفسفاط في تونس إلى أواخر القرن 19، زمن الاستعمار الفرنسي، بفضل طبيب بيطري يدعى فيليب توماس في منطقة جبال الثالجة قرب مدينة المتلوي من ولاية قفصة.


وأدى هذا الاكتشاف الهام إلى إنشاء شركة فسفاط قفصة ومد شبكة للسكك الحديدية تربط الجنوب الغربي مع ميناء صفاقس من أجل التصدير، ليتوسع الإنتاج في بدايات القرن 20 ويشمل مدنا مجاورة على غرار الرديف وأم العرائس والمظيلة إضافة إلى مدن القلعة الخصباء والجريصة بولاية الكاف بالشمال الغربي.


احتياطي ضخم ذو جودة

يبلغ احتياطي تونس من مادة الفسفاط حوالي 7 مليارات طن تتجمع حول مدن الحوض المنجمي إضافة إلى مخزون استراتيجي هام بولاية الكاف وآخر بمعتمدية المكناسي من ولاية سيدي بوزيد لم يُستغلّ إلى حدّ الآن.


احتل المنتوج التونسي من الفسفاط مراتب عالمية متقدمة في إنتاج هذه المادة الحيوية باعتبار أنه ذو جودة عالية مقارنة بمنتوجات الدول المنتجة على غرار المغرب والجزائر، وهو ما يفسر تهافت الشركات العالمية للحصول عليه، وخاصة دول الشرق الآسيوي.

احتاطي ضخم من الفسفاط


شركة فسفاط قفصة.. اللغز


ظلت شركة فسفاط قفصة لعقود طويلة مفخرة المؤسسات التونسية بتحقيقها كل سنة مرابيح بمئات ملايين الدينارات، إلّا أنها تحوّلت في السنوات الأخيرة إلى عبء ثقيل على الدّولة بتسجيل خسائر ضخمة مع تجاوز كتلة الأجور بها والأعباء الاجتماعية الـ 320 مليون دينار.

على سبيل المثال، تراجعت مرابيح الشركة من 400 مليون دينار في 2012 إلى ما يقارب 50 مليون دينار في سنة 2014، وأصبحت تسجل عجزا من 2015 بمعدّل 120 مليون دينار سنويّا (480 مليون دينار سنة 2019).

الاحتجاجات والمصالح الخاصة


يعود هذا التراجع الى تصاعد التحركات الاحتجاجية والاعتصامات العشوائية، إضافة إلى تدخل بعض الأطراف النافذة التي عطلت الإنتاج خدمة لمصالحها.

ويشير الخبراء إلى ضياع 100 يوم على الأقل سنويا من الإنتاج، نتيجة الإضرابات العشوائية إضافة إلى الانتدابات السنوية بالشركة والشركات الفرعية والتي تقدّر بحوالي 7 آلاف انتداب سنويا.

الحراك الاجتماعي سبب تراجع إنتاج الفسفاط