كشف تقرير لمجموعة الأزمات الدولية، نشرته أمس الجمعة 4 جوان 2021، أنّ السلطات التونسية واجهت منذ سنة 2013، المجموعات الإرهابية بقرارات قمعية لكن رغم نجاعتها النسبيّة أثرت على الاستقرار الاجتماعي خاصّة أنّ هذه الإجراءات لم تستهدف شريحة بعينها مما زعزع ثقة المواطنين في مؤسّسات الدولة وبالتالي تنامي العنف.

مؤتمر أنصار الشريعة المحظور بالقيروان

ترسانة تشريعات


أشارت مجموعة الأزمات الدوليّة إلى حظر المؤتمر السنوي لأنصار الشريعة في ماي 2013، ثم تصنيفه منظمة إرهابية في أوت 2014، حيث تبنّت السلطة إطارا قانونيا جديدا لمواجهة التهديد الإرهابي.
وأنشأت الحكومة ، في ذلك العام ، قطبًا قضائيًا لمحاربة الإرهاب ثم فُرضت حالة الطوارئ في نوفمبر 2015 وهي سارية إلى الآن بسبب التمديد فيها باستمرار، كما أصدر مجلس نواب الشعب في جويلية 2015 قانونًا جديدًا لمكافحة الإرهاب أصبح محل انتقاد المنظمات الحقوقية بسبب تعريفه الغامض للإرهاب إلى جانب التمديد في فترة الاحتفاظ من 6 إلى 15 يوما دون حضور محام في الساعات الـ48 الأولى، في أغلب الأحيان.
بين سبتمبر 2015 وجوان 2018، عُرض 5000 شخص على القضاء وأدين جزء منهم بمقتضى قانون مكافحة الإرهاب لسنة 2015، كما حوكم وسجن 400 متهم بالإرهاب بين جوان 2018 ومارس 2021.
كما سعت الدولة إلى التقليص من التأثير الأيديولوجي للفكر الجهادي وتجفيف مصادر تمويله حيث أغلقت الحكومة العديد من دور العبادة والجمعيات الخيريّة ورياض الأطفال وعزلت أئمة، بداية من 2013، كما جمّدت اللجنة الوطنية بمكافحة الإرهاب بالاشتراك مع لجنة التحاليل المالية أموال 157 جمعيّة و126 شخصا متهما بالمشاركة في أعمال إرهابية.

تجاوزات وانتهاكات

أدت ترسانة التشريعات التي وضعتها تونس إلى ثني الكثيرين من الانخراط في الأسلوب الدعائي للجماعات الإرهابيّة في المقابل خلقت الانتهاكات شعورا بالظلم في صفوف ضحايا القوانين كما عززت عدم الثقة في إنفاذ القانون ومؤسسات الدولة.
يقول التقرير إنّه منذ صدور قانون مكافحة الإرهاب في عام 2015 ، أصبح مجرد النشاط الدعوي على الشبكات الاجتماعية أو حيازة كتب ونشريات ذات منحى تكفيري كافٍ لتبرير الاحتفاظ بالمتهمين لمدة تصل إلى خمسة عشر يومًا أو الإدانة، حيث ألقي القبض على آلاف الأشخاص للاشتباه في قيامهم بنشاط إرهابي بعد التنصت على المكالمات الهاتفية أو مراقبة المواقف التي اعتُبرت مشبوهة على الشبكات الاجتماعية.





وأكّد التقرير أنّ بعض هؤلاء المتهمين تعرّض للمعاملة الوحشية أثناء الاحتجاز لدى الشرطة، ففي أوائل عام 2019 ، لاحظ مسؤول أممي أثناء زيارته إلى تونس حدوث انتهاكات للقوانين المتعلقة بحالات الطوارئ والاحتجاز المطول قبل المحاكمة إلى جانب سوء المعاملة والتعذيب.

وبحسب التقرير، فإن ما يسمى بإجراءات الرقابة الإدارية “Fiche S” قد تكون سببا لدفع الخاضعين لها إلى العود وتكرير تجاربهم مع التطرّف خاصّة وأن أعدادهم تعد بالآلاف مما يثير قلق المنظمات الحقوقية والمناهضة للتعذيب بشأن سوء استخدام هذا الإجراء الذي يستند إلى المرسوم المنظم لحالة الطوارئ الساري منذ 2015.
ووفقا لأخصائيي علم النفس الاجتماعي فإنّ هذه التدابير لها عواقب اجتماعية ومهنية ونفسية خاصّة بالنسبة للذين فقدوا وظائفهم أو اضطروا للطلاق مما يدفعهم إلى الرغبة في الانتقام من الدولة.