العام الماضي، ضربت كورونا رزنامة التظاهرات الثقافية فتم إلغاء معرض تونس الدولي للكتاب في مناسبتين ومهرجان قرطاج الدولي بعد أن خططت الدوائر الثقافية لإقامة دورة محليّة بفنانين تونسيين فحسب، لكن هذه السنة أكّدت وزارة الثقافة إحياء حفلات ضمن الدورة 56 من مهرجان قرطاج من 8 جويلية إلى 17 أوت، وسط انتقادات شقّ من التونسيين لصنّاع القرار خاصّة بزيادة انتشار الفيروس.

أبعد من لقمة العيش..

في هذا الإطار، يقول مدير عام المؤسسة الوطنية لتنمية المهرجانات والتظاهرات الثقافية والفنية يوسف لشخم، لـ”JDD Tunisie”، إنّ المؤسسة ومن ورائها وزارة الثقافة اعتمدت على البث الرقمي في المهرجات والتظاهرات التي تُقام بالفضاءات المغلقة على غرار أيام قرطاج الكوريغرافية وأسبوع المسرح في حين أنّ الأمر يختلف مع مهرجان قرطاج الذي يقام بفضاء ضخم ومفتوح وبالتالي لا يمكن الاعتماد على الرقمي في بث الخفلات والعروض مقابل إمكانيةّ التقليص من نسبة الحاضرين إلى 30 بالمائة من طاقة الإستيعاب كحدّ أدنى.

يوسف لشخم


وفسّر لشخم أنّ التنسيق مع اللجنة العلمية لمجابهة فيروس كورونا ووزارة الصحّة متواصل في علاقة بالبرتوكول الصحي وترتيبات ضمان سلامة الجمهور لكن قرار التمسّك بإحياء المهرجان سواء بحضور الجمهور أو بجزء منه يعود إلى الحكومة مشيرا إلى أنّ وزارة الصحة تلتزم بالقرارات الحكومية في هذا المجال وتتقيّد بها، وفق قوله.

وأضاف محدّثنا أنّه لا يمكن إنكار تضرر العاملين في القطاع الثقافي من ركود المشهد الذي تسببت فيه الجائحة لكن الغاية من مهرجان قرطاج ليست ربحيّة ولا تنتظر منه وزارة الثقافة دخلا ماديّا مشيرا إلى أنّ الفنّانين الذي يعتلون مسرح قرطاج أيضا لا يقدّمون مسألة الأتعاب الماديّة كأولويّة.
وأشار إلى أنّ جمهور العروض الثقافية عامّة أصبح واعيا بضرورة تطبيع البروتوكول وارتداء الكمامات والتباعد الجسدي ومن خلال ذلك يتبيّن أن الحق في الثقافة لا يتعلق بالجانب البسيط بمفهومه الترفيهي، وفق تعبيره.

“نختار الحياة”

من جهته، صرّح الناشط السياسي والطبيب الدكتور الصحبي بن فرج لـ”JDD Tunisie”، أنّ الاختبار بين الحق في الصحة والحق في الحياة في هذا الظرف يعتبر مستحيلا وسرياليا لأننا في موضع الكارثة فلم تنجح تونس طيلة الأشهر الماضية في تطعيم المواطنين وإنقاذ حياتهم الاجتماعية والاقتصادية.
وأضاف أنّ التفكير في إنقاذ الموسم السياحي والثقافي كان يجب أن ينطلق منذ الصائفة الماضية عندما كان الوضع الوبائي أقل خطورة لكن الآن لا خيار لأن الخطر يتعاظم دون التفكير في إجراءات مصاحبة تهم الحياة الثقافية بسبب إخلال الحكومات بواجبها وإجرامها في حق الشعب، وفق قوله.
وقال محدّثنا إنّ التونسيين في وضع لا يحسدون عليه وإذا يُخيّرون بين الحق في الثقافة والحق في الصحة فإنهم سيختارون الحياة.